Page 103 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 103

‫‪101‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

                                   ‫“ ُتشكر”‪.‬‬            ‫من العامة شك ًل فقط‪ ،‬لولا دوره في أحد الأفلام‬
                            ‫ُيربت على كتفها‪..‬‬          ‫الرومانسية الكلاسيكية‪ ،‬والذي حوى مشه ًدا من‬
              ‫“هاديلك فوقهم قرشين صاغ”‪.‬‬                ‫المفترض أنه ُكتب كمشهد تراچيدي مؤثر‪ ،‬لكنني‬
    ‫“يفتح الله‪ ..‬يا تلاته زي كل مرة يا بلاش”‪.‬‬
                                                         ‫وفي كل مرة أشاهده‪ ،‬أستقبله كمشهد كوميدي‬
                               ‫ُيح ّدث نفسه‪..‬‬         ‫صرف‪ ،‬فأداء البروفيسور المتأثر بعمله في المسرح‬
‫“تلاته تلاته‪ ..‬في الليل تتساوى اللي بتلاته صاغ‬
                                                       ‫في فرقة عظيمة‪ ،‬مخلو ًطا بأداء الممثل المشارك في‬
                          ‫واللي بتلاته جنية”‪.‬‬       ‫المشهد‪ ،‬ومضرو ًبا في الحوار المكتوب‪ ،‬كانوا دو ًما ما‬
‫يلفها أكثر بذراعه ثم يتجه بها خلف عربات اليد‬        ‫يسببون لي نوبة هيستيرية من الضحك‪ .‬ليس تقلي ًل‬
                                                     ‫من شأن البروفيسور‪ ،‬حاشاني‪ ،‬لكن لغياب المنطق‬
                           ‫المركونة إلى جدار‪،‬‬
                           ‫بينما تسقط حقيبة‬            ‫أو المنطق تب ًعا للواقع الذي ُفرض علينا أن نعيشه‬
                       ‫البروفيسور إثر ضربة‬           ‫أو نتعايش معه بالأحرى‪ .‬نص وأداء ساذج إلى حد‬
                          ‫على خده من حقود‬
                          ‫جاهل‪ ،‬ويرتمي هو‬                                                   ‫السحر‪.‬‬

                               ‫من فوره على‬                          ‫***‬
                           ‫أرض أحن‪ ،‬تختلط‬
                           ‫دماؤه بنباح الكلب‬        ‫المودة والرحمة أشياء تعطيها الحياة‪ ،‬ولا‬
                            ‫الذي مر ُمسر ًعا‪،‬‬       ‫يستطيع أن يعطيها الفن‪*.‬‬
                            ‫ولا ُيسمع سوى‬
                                                                    ‫***‬
                             ‫صوت ماسورة‬
                               ‫المجاري والماء‬          ‫وكمثل دورها في الحياة‪ ،‬كان لحقيبة طاهر دو ًرا‬
                               ‫ينسكب منها‪.‬‬            ‫في المشهد الأخير الذي يؤديه بحياته الفنية‪ .‬شارع‬

                                     ‫* اقتباسات من‬        ‫ممتد في ليل باهت‪ ،‬قبل أن تقترب المسافة بين‬
                                  ‫مسرحية بجماليون‪.‬‬        ‫انسحاب الظلام وانتصار النور‪ ،‬ممطر يسهر‬
                                                        ‫وحي ًدا‪ ..‬لولا عمود الإنارة الذي يرتعش ضوؤه‬
                                                     ‫كلما رف لطاهر رمش وهو يقطع الشارع في خطو‬
                                                      ‫لا مبا ٍل يحمل حقيبته‪ .‬وفي زاوية أخرى من العالم‬
                                                         ‫يدور مشهد آخر بعدما فقد بيجماليون طريقه‪.‬‬
                                                      ‫فتاة تجلس وأمامها علبة صفيح تفرط فيها أعقاب‬
                                                      ‫السجائر‪ ،‬وتكاد تراها بصعوبة بالغة‪ ،‬بينما تتقدم‬
                                                        ‫قدما شخص نحوها‪ .‬بدلته الأنيقة وربطة العنق‬
                                                      ‫التي توحي بوقار العمر ‪-‬وتناسب أحلام الفتيات‬
                                                           ‫المراهقات‪ -‬كانتا مدخله لذلك العالم الملتحف‬
                                                        ‫بالظلام‪ ..‬والدخان‪ ..‬والوهم‪ .‬حذاؤه يعلوه تراب‬
                                                       ‫الزحمة‪ ،‬وغبي يحاول ضبط ابتسامته المتشجنة‪،‬‬
                                                     ‫وطوال طريقه لم يتورع عن البحث بعيون مفترسة‬

                                                                                 ‫عمن يشبع حاجته‪..‬‬
                                                                           ‫“اتأخرتي الليلة دي ليه؟”‪.‬‬

                                                                                    ‫“الشغل ُيح ُكم”‪.‬‬
                                                     ‫يجلس بجوارها ويلفها بذراعه اليسرى‪ ،‬بينما يقدم‬

                                                              ‫لها باليمنى مجموعة من أعقاب السجائر‪.‬‬
                                                                                      ‫“ ُخدي دول”‪.‬‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108