Page 177 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 177
175 الملف الثقـافي
العالمية الثانية ،والربط بين معاداة السامية الجديدة»(،)6 الحالة الأوروبية ،وتؤكد
معادة السامية القديمة في هذا البيان على صغره كان على احتمالية قرب تفككها
أوروبا وبناء الجسر بينها وعجزها عن الاستمرار في
وبين الصهيونية ،حين اعتبر بالفعل مشرو ًعا نظر ًّيا الاختباء خلف تناقضات
أن رفض الصهيونية ورفض محبوك الصنعة ،إذ قال مركزيتها ،باسم شعارات لا
هجرة يهود أوروبا لفلسطين البيان إن معاداة السامية تستطيع أن تدافع عنها بعد
الجديدة قوامها كراهية
يعد عم ًل بربر ًّيا أقرب المسلمين لليهود (يهود الآن.
للنازية ويحسب على «معاداة فرنسا تحدي ًدا) ،وتستند إن الذي قد يكون شجع
لنصوص دينية لتبرير هذه
السامية» القديمة! الكراهية المدعاة ،لتمارس ماكرون على تسخين
واعتبر أن مجموعة العنف والعنصرية ضد موضوع الجالية الإسلامية
الممارسات التي لا تؤكد اليهود المقيمين في فرنسا،
على حق عودة يهود فرنسا ويستند البيان لبعض النماذج والعربية هناك ،هو
المهجرين بعد الحرب أو والوقائع المعاصرة في خلال مشروع الهيمنة الثقافية
حقهم في الهجرة واحتلال الألفية الجديدة بفرنسا ليدلل «الإبراهيمية» ،والهيمنة
فلسطين عمل عنصري يعتبر السياسية لتصفية القضية
على طرحه. الفلسطينية ،وهو ما يقع
معاداة للسامية. معاداة السامية القديمة أو على صلة مباشرة بالحضور
التاريخية في أوروبا كان العربي في فرنسا ،ومركزية
أوجه الشبه بين طرح فرنسا /سارتر القديمة
سارتر القديم قوامها كراهية المواطن في تأسيس مفهوم «معاداة
الأوروبي المسيحي للوجود الصهيونية» كـ»ظهير ثقافي»
والنخبة الثقافية
الجديدة وماكرون اليهودي وما يصحبه من لخطاب ماكرون.
نفوذ وممارسات غريبة
تكاد تكون الثقافة الفرنسية على مسيحي أوروبا ،بما فرنسا من النخبة
تعيد إنتاج نفسها بعد حوالى جعل الأوروبيين في خلال الثقافية وبيان «لو
سبعة عقود من الزمان ،تكاد العصور الوسطي (ما قبل
تكون الظروف نفسها التي الحداثة) يمارسون نو ًعا من باريزيان»
قدمها سارتر في أطروحته، الاضطهاد على يهود أوروبا إلى ماكرون الرمز
بحجة أن اليهود هم قتلة
هى ذاتها التي اعتمدها المسيح وأن الخراب يرتبط السياسي
المثقفون الجدد في فرنسا بهم دائ ًما ،بما جعل أوروبا
تشهد مجموعة من الوقائع هنا يجب الإشارة أي ًضا إلى
ليصدروا البيان ،وهذه أدت لطرد اليهود من عدة أن صعود خطاب ماكرون
الظروف تقوم على الموقف
المركزي تجاه الذات والموقف بلدان أوروبية قدي ًما. في نهاية عام 2020م
غير أن سارتر -كما كأعلى رمز سياسي لفرنسا
الهامشي تجاه الآخر. أوضحنا -كان له السبق في بهذا الشكل ،ضد المواطنين
فمع سارتر كانت مركزية كتابه «تأملات في المسألة الفرنسيين العرب والمسلمين،
الحالة الفرنسية ،والتطبيق اليهودية» في التأصيل لأزمة
على الواقع الفرنسي كمركز يهود فرنسا ومعاداة السامية سبقه بقليل تكون «ظهير
قدي ًما في حالة ما بعد الحرب في فرنسا ما بعد الحرب ثقافي» قوي الخطاب في عام
العالمية الثانية ،وفي فرنسا
حديثًا من النخبة الثقافية 2018م.
حينما أصدرت النخبة
والظهير الثقافي لماكرون الفرنسية بيا ًنا عبر صحيفة
«لو باريزيان» بعنوان «ضد