Page 175 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 175

‫‪173‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫«داخل» و»خارج»‪« ،‬داخل»‬              ‫وتقديسها‪ ،‬تجاه الآخر‬                        ‫وكأن العرب الفلسطينيين‬
‫مقدس له الأولوية ولسرديته‬        ‫المسلم وسردياته المفترضة‪،‬‬                        ‫غير موجودين‪ ،‬وكان ذلك‬
‫عن الحرية الخاصة بالتعبير‪،‬‬      ‫ودعونا نلخص أزمة ماكرون‬
                                                                                   ‫ر ًّدا على محاولة لإدوارد‬
  ‫التي تتضمن تجاهل ما هو‬             ‫والمركزية الأوروبية بين‬                       ‫سعيد الحصول منه ولو‬
  ‫«خارج» عن مساره الذاتي‪،‬‬            ‫تقديس الذاتي وتهميش‬                           ‫على اعتراف شفوي بحق‬
                                                                                    ‫الفلسطينيين في مواجهة‬
     ‫ومتلازمته الثقافية التي‬           ‫الآخر‪ ،‬التي تتبدى في‬                        ‫الصهيونية‪ .‬حيث «يروي‬
     ‫أصبحت تابو و ُعقد غير‬          ‫موقف فرنسا هنا وتقف‬
     ‫قابلة للمس أو النقاش‪..‬‬      ‫وراء التشدد الفرنسي تجاه‬                             ‫إدوارد سعيد في مقال‬
  ‫ولنسلط الضوء هنا بتركيز‬       ‫مسلميها‪ ،‬في تصريحين الأول‬                       ‫بعنوان‪‹ :‬لقائي مع سارتر›‪،‬‬
    ‫على مفهوم «الخارج» عما‬         ‫تجاه الصهيونية واليهود‪،‬‬
                                                                                   ‫كيف أن هذا الأخير‪ ،‬كان‬
       ‫هو أوروبي الذي يتم‬             ‫والثاني تجاه المسلمين‬                    ‫يرتاب من أسئلته التي تخص‬
   ‫الاستخفاف به وبمنظومة‬                           ‫والعرب‪.‬‬                      ‫القضية اليهودية‪ ،‬ويتحاشى‬

      ‫قيمه الثقافية‪ ،‬في مقابل‬         ‫الأول في عام ‪2017‬م‪،‬‬                          ‫مناقشته كمثقف‪ .‬وكيف‬
 ‫«الداخل» الأوروبي المركزي‬         ‫حيث صرح و»أكد الرئيس‬                           ‫أ َّن صديق سارتر الحميم‪،‬‬
   ‫بسردياته التي تحولت من‬         ‫الفرنسي إيمانويل ماكرون‬                        ‫ميشال فوكو‪ ،‬ساند بدوره‬
                                    ‫في ختام مراسم الاحتفال‬                      ‫الكيان الصهيوني‪ .‬واستنادا‬
     ‫الذاتي إلى المطلق والعام‪.‬‬                                                  ‫إلى جيل دولوز‪ ،‬فإن علاقته‬
‫وأصبح يتم الترويج لها عالميًّا‬      ‫بالذكرى ‪ 75‬لحملة‪ :‬فال‬                      ‫انتهت مع فوكو بسبب تأييده‬
                                      ‫ديف‪ ،‬مسؤولية الدولة‬
    ‫على المستوى الجماهيري‬                                                           ‫المطلق لـ ‹إسرائيل›»‪)3(.‬‬
    ‫وصنع الرأي العام‪ ،‬وعلى‬        ‫الفرنسية عن الجريمة التي‬                      ‫ما يفعله ماكرون الآن يسير‬
 ‫المستوى النخبوي من خلال‬            ‫ارتكبت بحق اليهود إبان‬                     ‫على المنوال ذاته‪ ،‬والازدواجية‬
   ‫الأبنية الثقافية والسياسية‬      ‫الحكم النازي عام ‪.1942‬‬
  ‫والأيديولوجية التي تشكلت‬                                                           ‫تجاه ما يتعلق بمواقف‬
‫في سياق التبعية و»الاستلاب‬      ‫وشدد ماكرون أنه لن يتنازل‬                       ‫الذات الفرنسية‪ /‬الأوروبية‬
  ‫للآخر» الأوروبي‪ ..‬وترديد‬      ‫أمام‪ :‬معاداة الصهيونية‪ ،‬التي‬                    ‫المركزية وسردياتها الثقافية‬
  ‫الأساطير نفسها عن تحول‬
    ‫أسسه الثقافية من الذاتي‬       ‫اعتبرها الشكل الجديد من‪:‬‬
  ‫والخاص‪ ،‬إلى المطلق والعام‬              ‫معاداة السامية»(‪.)4‬‬
   ‫والتعميمي‪ ،‬وكأنهم جمي ًعا‬
     ‫يمارسون مفهوم «نهاية‬       ‫والثاني في شهر نوفمبر من‬
   ‫التاريخ» لكن ك ٌّل بطريقته‬         ‫العام الحالي ‪2020‬م‪،‬‬
‫الخاصة وأسلوبه الشخصي‪،‬‬
     ‫وليس «فوكوياما» فقط‪.‬‬             ‫حين «عبر ماكرون عن‬
                                  ‫أسفه للدعم الدولي الخجول‬
‫ما الذي تريده فرنسا‬              ‫نسبيًّا لفرنسا‪ ،‬بعد الهجمات‬
  ‫من الآخر العربي‪/‬‬
       ‫المسلم؟!‬                      ‫الأخيرة في بلاده مجد ًدا‬
                                ‫التأكيد أن فرنسا لن ُتغيّر من‬
       ‫قد تكون المشكلة لدى‬
 ‫المتلقي العربي هو أنه يعتقد‬      ‫ح ّقها في حرية التعبير‪ ،‬فقط‬
                                ‫لأنه ُيثير صدمة في الخارج»‪.‬‬
    ‫أن المشكلة في ماكرون أو‬
                                                                          ‫(‪)5‬‬

                                  ‫التصريح الأخير دال للغاية‬
                                       ‫هنا في تحليل الخطاب‬

                                 ‫الأوروبي؛ هو يرى أن هناك‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180