Page 172 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 172
العـدد 25 170
يناير ٢٠٢1 لتصبح إحدي متلازمات
«المسألة الأوربية» هوياتيا،
اليهود وفق موقف البابوية إحدى السرديات الفرعية
القديم -في حينها -قتلة لأوروبا ،من جهة أنها حولت هي الظرفية التي تتعلق
للمسيح ،يستحقون القتل بالموقف من مواطني أوروبا
«المسألة اليهودية» لشكل من اليهود ،وتحولها ما بين
والنفي ،حيث ظهرت بواكير عقلاني مادي يمكن وضع مراحل ثلاثة أساسية لا يقف
ما عرف بـ»معاداة السامية». الحلول المختلفة لها بعدما عليها المتلقي العربي بصورة
كانت مسألة «دينية» مغلقة.
مشكلة تحول الذاتي في حين يمكن القول إن ما عميقة وكافية ،وهي أطر
إلى مطلق وعام عامة يمكن ربطها بأوروبا
أو من التجربة بعد الحداثة في السردية في :ما قبل الحداثة ،وأوروبا
المركزية الأوروبية لعلاقتها
الأوروبية إلى المركزية بيهود أوروبا والعالم ،قامت الحداثة ،وأوروبا ما بعد
الأوروبية على تبنى «إسرائيل» ودعم الحداثة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة وجودها باعتبارها النتاج في الظرفية الذاتية الخاصة
لمفصل مهم في فهم الثقافة والتمثل لمشروع الصهيونية، بالسردية الأوربية فيما
الأوروبية وفلسفتها في يتعلق باليهود فيما قبل
لكن ما بعد الحداثة ظاهر ًّيا الحداثة ،مارست أوروبا
العموم ،وبالتالي فهم العقلية حاولت التخفف من تيارات
الفرنسية ،وهو محور الصهيونية التاريخية التي موق ًفا متشد ًدا تجاه مواطنيها
من اليهود ،قام على الندية
«المسألة الأوروبية» الأبرز نشأت في ظل الحداثة والتحدي ورفض تنامي
والذي يقوم على :تحويل الأوروبية ،لكن ظلت تلك دورهم المالي والاجتماعي
السياق الذاتي إلى عام التيارات تعمل كـ»رواسب والسياسي في مختلف
ثقافية» كامنة في الخلفية. بلدان أوروبا ،وسميت هذه
ومطلق ،ومقدس جديد ،رغم من مقاربة السردية المركزية
أن أوروبا تدعي «العقلانية» الأوروبية هذه تجاه يهودها، المرحلة من السردية المركزية
إلا أن هذا غير صحيح بالمرة، في مراحلها الثلاث يمكن فقط الأوروبية تجاه اليهود
أوروبا تؤمن بمسارات ما من فهم الموقف الفرنسي من بـ»معاداة السامية» ،أي
«العقلانية» أو «الفهم العقلي» زاوية أوسع تجاه «إسرائيل»
ارتبطت بسياقها وتجربتها وتجاه العرب ،مع الإشارة معاداة المنتسبين لسام بن
الخاصة ،ثم حولت هذا الفهم لأن الموقف الفرنسي الأبرز نوح عليهما السلام ،وفق
إلى فهم مقدس نافي لوجود الرواية التوراتية باعتبار أن
في علاقته بالصهيونية أوروبا تنتمي لعرق أخر وفق
«فهم» آخر». يتمركز في المرحلة الأخيرة
أي أصبح العقل وسيلة غير تحدي ًدا ،ويختلف مث ًل عن الرواية الدينية نفسها.
موقف روسيا الذي برز في أما الحداثة في السردية
عقلانية ،وأوصلته أوروبا المرحلة الثانية مع الحداثة المركزية الأوروبية لعلاقتها
لمرحلة الجمود والتطرف التي شهدت أهم مشروع بيهود أوروبا؛ فقامت على
حاضن للصهيونية وتياراتها تبني ودعم «الصهيونية»
والكهنوت التي سبقت في تياراتها الرئيسية سواء
وكانت موجودة في العصور الذي تمثل في مشروع الصهيونية :الماركسية أو
الوسطى ،بل وحاولت فرض «الصهيونية الماركسية»، القومية أو الليبرالية أو
ويختلف أي ًضا عن إيطاليا الدينية ،على اعتبار واضح أن
هذا «الفهم» على العالم الذي قد يكون موقفها الأبرز الصهيونية وظهورها كانت
والآخر ،في أقرب ما يكون من فيما قبل الحداثة واعتبار
توضيح يمكن تقديمه لمفهوم
«المركزية العقلية» الأوربية.