Page 170 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 170

‫العـدد ‪25‬‬                               ‫‪168‬‬

                                ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬                            ‫الفارسية وعن المذهبية‬
                                                                      ‫الشيعية‪ ،‬ويتحدث فيه‬
‫نفسه لن يؤدي بك إلى نتائج‬          ‫سياسي يظهره الخصم‪.‬‬             ‫الأتراك عن القومية التركية‬
 ‫جديدة‪ ،‬وإنما ستحصل على‬           ‫بالتأكيد لقد مكنت وسائل‬        ‫والعثمانية الجديدة‪ ،‬وتتمدد‬
  ‫النتائج التي حصلت عليها‬          ‫التواصل الاجتماعي هذه‬         ‫فيه إسرائيل داخل العواصم‬
                                                                   ‫العربية البعيدة عن الطوق‬
                  ‫أ ّول مرة‪.‬‬        ‫الكتلة من الوجود‪ ،‬ومن‬        ‫العربي‪ ،‬وتتشابك مصالحها‬
   ‫لعل البداية الحقيقية التي‬     ‫تبني الدعوات‪ ،‬ومن التعبير‬       ‫مع الحكومات‪ ،‬عبر اتفاقيات‬
‫يمكن البدء بها هو التأسيس‬                                           ‫(سلام) معلنة‪ ،‬ودون أي‬
 ‫للدولة المدنية الحدثية‪ ،‬دولة‬      ‫عن نفسها‪ ،‬وهذا بالنسبة‬
‫المؤسسات كما يعرفها العالم‬         ‫لمجتمعات محبطة‪ ،‬تعيش‬                              ‫مقابل!‬
   ‫الحديث‪ ،‬حيث تسود قيم‬        ‫بهوية مستنزفة يبدو ُم ْرضيًا‬        ‫لقد أدى هذا كله إلى «تآكل‬
‫العدالة والمحاسبة والشفافية‬                                         ‫الهوية» العربية الجامعة‪،‬‬
 ‫وسيادة القانون والدستور‪،‬‬                     ‫إلى حد كبير‪.‬‬         ‫وتراجع حلمها في الوحدة‬
‫وحيث يمكن للناس أن ُيمثِّلوا‬                                      ‫والتقدم والرفاهة‪ ،‬وأصاب‬
‫أنفسهم وأن ينطقوا بلسانهم‬               ‫(‪)4‬‬                       ‫شعوبها بالإحباط واليأس‪،‬‬

     ‫داخل مجتمعاتهم أو ًل‪،‬‬     ‫وهنا يمكن أن نطرح السؤال‪:‬‬             ‫وكل تآكل للهوية يؤدي‬
  ‫وهذا يعني أننا نتحدث عن‬          ‫هل يوجد ما يضمن عدم‬                 ‫بالضرورة إلى طغيان‬
  ‫إصلاح الخطاب السياس ّي‪،‬‬
‫وسوف يستتبعه بالضرورة‬           ‫تكرار حدث الرسوم المسيئة‬             ‫الشعور بالاغتراب‪ ،‬كما‬
  ‫إصلاح الخطابات الأخرى‪:‬‬           ‫من ِقبل «شارل إبدو» أو‬          ‫يؤدي إلى ردود فعل أقرب‬
   ‫الدينية والثقافية وغيرها‪،‬‬                                     ‫إلى الصراخ منها إلى الحوار‬
                               ‫غيرها من الجرائد والمجلات؟‬           ‫والفهم‪ ،‬وهذا بالضبط ما‬
    ‫وهنا يمكننا الحديث عن‬        ‫يبدو السؤال جزئيًّا إلى حد‬        ‫حدث من ردود مجتمعاتنا‬
     ‫تح ّول اجتماعي حداثي‪،‬‬
 ‫ينتقل من النخب إلى شرائح‬      ‫بعيد بعد كل ما ذكرناه أعلاه‪،‬‬          ‫العربية والإسلامية على‬
   ‫المجتمع المختلفة‪ ،‬بقدر ما‬    ‫وهذا يعني أن السؤال الأدق‬       ‫الرسوم المسيئة‪ ،‬ردود الكتلة‬
   ‫ينتقل من شرائح المجتمع‬      ‫هو‪ :‬كيف يمكن لمجتمعاتنا أن‬        ‫المحبطة التي تستشعر بعض‬
   ‫إلى استشراف نخبه لغده‬        ‫تمثّل نفسها وتقدم صورتها‬        ‫القوة في رد الفعل‪ ،‬وتستشعر‬
                                 ‫الحضارية التي هي جديرة‬         ‫نشوة الانتصار في أي تراجع‬
                 ‫ومستقبله‬
                                                      ‫بها؟‬
                                   ‫بالتأكيد لا أُلمح إلى إعادة‬
                                 ‫سؤال جيل النهضة‪ ،‬سواء‬
                                 ‫بصيغته القديمة أو بغيرها‪،‬‬
                               ‫فكما يقال‪ :‬إن سلوك الطريق‬

                                                             ‫الهوامش والإحالات‬

‫‪ -1‬اللافت أن هذا الموقف الفقهي من التصوير قد ألقى بثقله على الفن العربي بشكل عام‪ ،‬فتحاشى الفنانون‬
 ‫رسم البشر أو المخلوقات الحية‪ ،‬وبالتالي غاب منه البعد الثالث‪ ،‬واقتصر على مناظير روحية غير رياضية‪،‬‬
   ‫ليكون أقرب إلى فكرة التجريد‪ ،‬ومن ثم تم ّكن الفنان من وضع أشواقه الدينية والإنسانية في هذه أشكال‬
 ‫تجريدية‪ :‬نباتية وهندسية استوعبت رؤيته ونظرته للإنسان وموقعه في الكون وعلاقته بالسماء‪ ..‬لقد كان‬

‫الفن الإسلامي ‪-‬بناء على هذا‪ -‬جز ًءا من منظور العقيدة الدينية وتصورات المسلم‪ .‬انظر‪ :‬عفيف بهنسي‪ :‬أثر‬
      ‫الجمالية الإسلامية في الفن الحديث‪ ،‬ط(‪ )1‬دار الكتاب العربي‪ ،‬القاهرة– دمشق ‪2000‬م ص‪.43 ،42‬‬

    ‫‪ -2‬لم يمر عرض المسلسل دون سجال كبير بين الفقهاء‪ ،‬وقد قضت محكمة القضاء الإداري في مصر‪،‬‬
        ‫بوقف عرض مسلسل عمر بن الخطاب وحظر تجسيد الصحابة‪ ،‬على شاشة التلفزيون بعد عرضه‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175