Page 265 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 265
263 ثقافات وفنون
رأى
يكن هو القوي الوحيد القابض حاكم للمسلمين في أسرع وقت في السقيفة وتوجه أبي بكر وعمر
على سيفه حينها ،فالصحابي علي ممكن كان توج ًها لا مفر منه، بن الخطاب إليهم كانت أثناء
وهنا نأتي إلى نقطة هامة ،وهي احتضار الرسول كما أشارت
بن ابي طالب على سبيل المثال الشخصية التي كانت من الممكن
كان في حالة من الشباب والمنعة أن تشغل جز ًءا من الفراغ الكبير بعض المصادر التاريخية ،في حين
والقوة تؤهله لطلب منصب هام الذي تركته وفاة الرسول ،وما أن العديد من المصادر التاريخية
كالخلافة إن ارتفعت الأصوات أظن أن أح ًدا من المسلمين أ ًّيا الأخرى تجمع على أن ذلك كان بعد
الجادة لطلبه ،ناهيك عن قرابته كان اسمه أو موقعه كان يجد في احتضار الرسول وقبل تجهيزه
للنبي ومصاهرته إياه ،ولا أظن نفسه الجدارة الكافية لشغل ذلك للدفن ،وهي نقطة قد تبدو ثانوية
الفراغ الهائل ،ولكن الضرورة نو ًعا ما ،لكنها نقطة تثير مسألة
أن المرويات التي تقول برغبة تحتم تواجد ذلك الشخص الذي
علي بن أبي طالب والعباس بن يجب عليه أن يتحمل المسئولية، هامة ،وهي مسألة الاختلاف
عبد المطلب في ذلك المنصب لعلي وأعتقد أن اجتماع الأنصار أو بين المصادر والروايات
بن أبي طالب وعجزهما عن طلبه بعضهم في السقيفة لم يكن إلا
هي روايات محايدة ،فلم يكن عل ٌّي تعبي ًرا عما يعتمل داخلهم من التاريخية ،مما يحفز
بالرجل الذي يؤثر السلامة لخوف قلق حول سلوك قبائل العرب تفكيرنا لوضع احتمالية
حيالهم ،فقد كانت أرضهم هي عدم حياد أو دقة الرواية ،إما
من شخص ما ،فهو القرشي قاعدة الانطلاق التي تحركت إيجا ًبا أو سلبًا في ذهننا كقراء أو
الهاشمي ،وإن كان تراجع عمر منها القوى الإسلامية لإخضاع
سكان الجزيرة العربية ،ورد الفعل باحثين.
بن الخطاب عن طلب الخلافة العكسي من القبائل العربية كان النقطة الثالثة التي تناولها المقال
تجنبًا لصدام مع أقوياء الأنصار متوق ًعا بعد موت النبي ،وقد حدث هي موقف عمر بن الخطاب وأبي
ذلك بالفعل ،ولذلك كان اجتماعهم بكر الصديق من ناحية والأنصار
كما يرى الأستاذ سمير ،وذلك -في رأيي -هو محاولة لضمان
لصغر سنه وضعف عشيرته، موقف آمن لهم وسط ذلك البحر الذين اجتمعوا في السقيفة من
فرجال مثل عليٍّ والعباس لم تكن الهائج المتوقع ،دون ثقة كاملة ناحية أخرى ،وبعي ًدا عن
تلك حالتهما ،والتفكير المقبول في منهم بوقوف الجموع المسلمة التقديس والملائكية ،فإن
نظري هنا هو أن الجميع ،أنصا ًرا جميعها إلى صفهم ،والدليل على الموقف كان على درجة من
ومهاجرين لم يجدوا من هو أكثر ذلك هو السرعة اللافتة للنظر التي الخطورة والجدية لا تغفل،
فض ًل ومناسبة من الصديق لتولي تخلوا بها عن موقفهم بمجرد أن فالرسول صلى الله عليه وسلم
ذلك المنصب لقدم صحبته وفضله نالوا تطمينات كافية تحفظ لهم كان رسو ًل وحاك ًما للمسلمين
كما ذكر الأستاذ سمير ،ولكنهم لم موقعهم ومكانتهم في المجتمع في الوقت ذاته ،ووفاته التي لم
يدفعوا به لصدارة الموقف توار ًيا الإسلامي بعدما قدموه وبذلوه يمرض قبلها إلا أياما قليلة قد
خلفه وانتظا ًرا للوقت المناسب تركت المسلمين في حالة من
لتولي زمام الأمور وإقصائه من لصالح نشر الدعوة. الصدمة التي كان من الممكن أن
منصبه ،وفي رأيي أن حادثة تقديم أما عن موقف عمر بن الخطاب ينتهزها المتربصون بدولة الإسلام
الرسول لأبي بكر لإمامة الصلاة الحديثة النشوء للقضاء عليها،
إبان مرضه الذي توفي فيه كانت الذي وصفه الأستاذ سمير وهم كثر ،داخل الجزيرة
إشارة واضحة أجادت الأغلبية درويش وص ًفا طري ًفا بأنه الرجل العربية وعلى أطرافها،
من مجتمع المسلمين قراءتها مع القوي القابض على سيفه ،فبادئ بل وفي داخل مدينة
ما تمثله إمامة شخص للصلاة ذي بدء فإن عمر بن الخطاب لم الرسول أو عاصمته
بوجود وموافقة النبي من معنى
نفسها.
كبير في أنفسهم. من هذا يتضح أن
وهناك موضوع آخر أثاره استاذنا
التوجه لاختيار