Page 266 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 266

‫العـدد ‪25‬‬                           ‫‪264‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

   ‫مانعيها‪ ،‬فلم يكن هناك مصدر‬       ‫واستظهارهم للآيات وهي خاصية‬             ‫الفاضل في مقاله‪ ،‬وهي تسمية‬
  ‫واضح لتمويل الدولة وأنشطتها‬            ‫معروفة للعرب منذ الجاهلية‪،‬‬        ‫حروب الردة والتي ذكر أنها في‬
   ‫ورعاية المستحقين من أفرادها‬                                          ‫الأصل حروب كانت موجهة لمانعي‬
 ‫غير الزكاة بأنواعها من المسلمين‬       ‫ولكن عهد عثمان بن عفان كان‬           ‫الزكاة‪ ،‬في حين أن الحروب في‬
‫والجزية من غيرهم‪ ،‬أي أنها كانت‬        ‫مختل ًفا‪ ،‬فقد اتسعت رقعة الدولة‬     ‫تلك الفترة كانت حربان‪ ،‬حروب‬
  ‫مظه ًرا من مظاهر سيادة الدولة‬      ‫اتسا ًعا أدخل العديد من الشعوب‬
‫إن جاز التعبير‪ ،‬ناهيك عن مغزاها‬       ‫والأجناس في الإسلام‪ ،‬وانتشار‬           ‫ضد مانعي الزكاة من القبائل‬
 ‫الديني‪ ،‬أما ما يتعلق باستضعاف‬       ‫الصحابة في تلك الأصقاع واتباع‬       ‫التي اعترفت ببقائها على الإسلام‬
                                       ‫الناس لهم هناك جعل نو ًعا من‬        ‫ولكنها لم توافق على أداء الزكاة‬
     ‫أبي بكر والسخرية منه فهي‬         ‫الفرقة تدب بين المسلمين‪ ،‬سواء‬      ‫لخليفة الرسول كما كانت تؤديها‬
 ‫مرتبطة بالجزئية السابق ذكرها‪،‬‬        ‫لاتباعهم لهذا الصحابي أو ذاك‪،‬‬      ‫للرسول منذ بداية تشريع الزكاة‪،‬‬
                                     ‫والذين كانوا من الممكن أن يكون‬      ‫وحروب أخرى ضد مدعي النبوة‬
      ‫فمن منعوا الزكاة من قبائل‬       ‫لدى أحدهم مصحف بحرف من‬            ‫وعلى رأسهم مسيلمة الكذاب الذي‬
  ‫العرب قد شعروا بأن ارتباطهم‬          ‫الحروف القرآنية غير التي عند‬     ‫سمى نفسه رحمان اليمامة وغيره‬
  ‫بتلك الدولة التي مركزها المدينة‬    ‫غيره من الصحابة‪ ،‬وإن لم يحدث‬
‫المنورة قد انقطع بموت النبي‪ ،‬فلا‬      ‫ذلك التدخل الذي قام به الخليفة‬          ‫وهم من كان لهم من الخطر‬
   ‫دا ٍع إذن لدفع المال لذلك الرجل‬    ‫عثمان بن عفان من كتابة ونسخ‬        ‫والقوة القبلية ما لا يستهان بهما‪.‬‬
 ‫الضعيف في نظرهم القابع هناك‪،‬‬
‫أي أن السخرية من أبي بكر ومنع‬           ‫لمصحف واحد واضح بحرف‬                  ‫النقطة التالية في الأهمية هي‬
 ‫الزكاة كانا وجهين لعملة واحدة‪،‬‬       ‫أو لغة قريش والتي كان القرآن‬            ‫موقف أبي بكر الصديق من‬
   ‫ومجمل تلك التحديات إن ترك‬            ‫يتلى بها في الأساس لأن النبي‬       ‫جمع القرآن‪ ،‬ومقارنته بموقف‬
                                                                         ‫عثمان بن عفان‪ ،‬فمن الحقيقي أن‬
    ‫لينمو مع وجود مدعي النبوة‬            ‫كان قرشيًّا في الأصل‪ ،‬إن لم‬       ‫جامعي القرآن في عهد أبي بكر‬
‫والقوى الدولية المحيطة بالجزيرة‬        ‫يقم عثمان بذلك الإجراء والذي‬      ‫والذين اجتمعوا بعد حروب الردة‬
‫لكانت الدولة الإسلامية قد انمحت‬       ‫صاحبه حرق وإتلاف غالبية ما‬          ‫بمشورة من عمر بن الخطاب قد‬
‫تما ًما خلال فترة وجيزة‪ ،‬أرى أن‬     ‫بقي من مصاحف مخالفة لمصحفه‬              ‫جمعوا القرآن بين دفتين لأول‬
 ‫رد فعل أبي بكر الذي قد اتصف‬                                             ‫مرة‪ ،‬ولكنهم جمعوه جم ًعا مبدئيًّا‬
‫في بعض الأحيان بالحزم الزائد أو‬          ‫الإمام كما سماه والذي نشر‬            ‫استرشاد ًّيا إن جاز التعبير‪،‬‬
 ‫العنف كما يرى البعض له بعض‬          ‫نس ًخا منه في الأقطار لدبت الفتنة‬       ‫مستبعدين فيها ما تم نسخه‬
                                                                          ‫ومرتبين آياته‪ ،‬وفي تلك الجزئية‬
    ‫ما يوضح أسبابه‪ ،‬لا أقول إن‬         ‫بين المسلمين في أخطر مصادر‬        ‫هناك العديد من التفصيلات‪ ،‬منها‬
  ‫جميع ما تم من إجراءات خلال‬              ‫التشريع لديهم وهو القرآن‬       ‫على سبيل المثال لا الحصر مسألة‬
   ‫تلك الحروب كان كله صحي ًحا‬                                               ‫الحروف السبعة التي نزل بها‬
‫وذلك إن صحت روايته التاريخية‪،‬‬         ‫الكريم‪ ،‬ولانضم عضو جديد إلى‬         ‫القرآن على الرسول والتي أقرها‬
                                        ‫قائمة الخلافات التي زخر بها‬        ‫قبل موته‪ ،‬وكذلك مسألة تنقيط‬
    ‫كما حدث مع مالك بن نويرة‬                                                ‫الحروف التي ستستمر عالقة‬
  ‫وإياس بن عبد ياليل‪ ،‬ولكننا إذا‬     ‫التاريخ الإسلامي فيما بعد والتي‬        ‫دون حل إلى عهد عبد الملك بن‬
‫رجعنا إلى النقطة الأولى التي بدأت‬         ‫أسالت للأسف دماء كثيرة‪.‬‬        ‫مروان الأموي‪ ،‬لكن عهد أبي بكر‬
 ‫بها مقالي‪ ،‬وهي بشرية الصحابة‬              ‫أما فيما يتعلق بموقف أبي‬       ‫كان بعي ًدا نو ًعا ما عن المشكلات‬
                                                                         ‫التي قد تنجم عما ذكرنا من نقاط‬
     ‫ودم عصمتهم‪ ،‬لفهمنا العديد‬          ‫بكر الصديق من مانعي الزكاة‬      ‫خلافية‪ ،‬فقد كان المصدر الأساسي‬
 ‫من المواقف التي حدثت إبان تلك‬             ‫والساخرين منه في الوقت‬           ‫حينها للقرآن هو حفظ الرجال‬

                         ‫الفترة‬        ‫ذاته‪ ،‬وتوجيه الجيوش نحوهم‬
                                    ‫فالموضوع في رأيي له شقان أي ًضا‬

                                                    ‫مترابطان أي ًضا‪:‬‬
                                    ‫فالزكاة في تلك المرحلة كانت شيئًا‬

                                        ‫يستحق توجيه تلك القوة نحو‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271