Page 271 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 271

‫‪269‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫من المسلَّمات الأساسية في حياة‬     ‫بعد تد ُّخل البنتاجون والمخابرات‬       ‫ملاحظات حول مقولات‬
     ‫البشر‪ ،‬منها الحريات العامة‬        ‫الأمريكية لتحريك الأحداث على‬             ‫أوباما ‪-‬نموذ ًجا‬
                                        ‫النحو الفوضوي الذي سارت‬
 ‫والخاصة‪ ،‬تحسين أوضاع المرأة‪،‬‬         ‫عليه‪ ،‬بحيث تظل مصالح أمريكا‬           ‫للسياسيين الأمريكيين‪-‬‬
     ‫حرية الصحافة والتعبير عن‬       ‫وحليفتها إسرائيل هي الفيصل في‬             ‫حول قضايا الشرق‬
                                      ‫كثير من توجيه أمريكا للأحداث‬
‫الرأي والأفكار والتجارب العلمية‪،‬‬                                           ‫الأوسط وتحليل بعضها‪:‬‬
  ‫الحكم الديمقراطي الذي يشترك‬                   ‫وف ْرضها على المنطقة‪.‬‬
   ‫فيه الجموع‪ ،‬وتتحقق فيه رغبة‬             ‫‪ -‬يفكر الأمريكان ‪-‬نتيجة‬              ‫‪ -‬لا يتوفر لدى القائمين على‬
 ‫الأغلبية‪ ،‬دون شعور الناس أنهم‬            ‫لاستعلاء العقل الغربي‪ -‬في‬               ‫الشأن السياسي الأمريكي‬
 ‫تحت ُحكم مط َلق‪ ،‬مقيَّدين بقبضة‬    ‫المجتمعات العربية كأنها مجتمعات‬
 ‫أمنية‪ ،‬أو استبداد في اتخاذ القرار‬   ‫غريرة‪ ،‬لا تتمتع بالوعي والنضج‬             ‫الخارجي‪ ،‬فيما يتعلق بمنطقة‬
‫و ُصنعه‪ ،‬ودون استشراء للفساد‪،‬‬       ‫الذي يم ّكنها من ممارسة سياداتها‬         ‫الشرق الأوسط وشمال أفريقيا‪،‬‬
                                      ‫الكاملة على أراضيها‪ ،‬وثوراتها‪،‬‬
‫لقد بات من المسلَّمات في الحضارة‬       ‫ور ْسم سياساتها بنفسها‪ ،‬ولذا‬            ‫الإحاطة الشاملة بكافة قضايا‬
      ‫الإنسانية الكونية أن يشعر‬         ‫يتحدث أوباما بصفة منصبه‪،‬‬                 ‫المنطقة‪ ،‬ومشاكلها‪ ،‬والوعي‬
      ‫الإنسان بحقوقه في موطنه‪.‬‬         ‫وكأنه وص ٌّي على المنطقة‪ ،‬حيث‬             ‫بتشابكات القوى والتيارات‬
                                     ‫إنهم من يتحكمون في مصائرها؛‬
  ‫لذا يتعيَّن على الأنظمة السياسية‬      ‫لهم أن يوبخوا في العلن أو في‬           ‫المختلفة لدينا‪ ،‬لا تتوفر لديهم‬
 ‫‪-‬التي تسعى لرفعة أوطانها‪ -‬أن‬           ‫السر‪ ،‬لهم أن يبقوا أو يخلعوا‬        ‫أي ًضا المعلومات ب َه ْل ن َّوعت الدول‬
                                           ‫وفق مصالحهم وإسرائيل‪.‬‬           ‫في مصادر اقتصاداتها؟ أم تجمدت‬
   ‫تتمتع بالنضج وإعلاء المصلحة‬        ‫هذا لا يعني أن هناك حالة رضا‬           ‫على حالة معينة ونوع واحد من‬
      ‫العامة للأوطان‪ ،‬لا المصالح‬     ‫على طبيعة الأوضاع ونظم الحكم‬
       ‫والمكاسب الشخصية فقط‪،‬‬           ‫لدينا‪ ،‬أو أن هناك اعترا ًضا على‬        ‫الدخل الإجمالي؟ وأي ًضا نتيجة‬
                                     ‫القيم وأسس الحكم‪ ،‬التي يتحدث‬               ‫الاختلاف الثقافي؛ لا يملكون‬
 ‫الشروع في عدد من الإصلاحات‬           ‫عنها أوباما‪ ،‬لكن الاعتراض على‬
    ‫والإجراءات انطلا ًقا من وعينا‬    ‫صيغة الاستعلاء تلك‪ ،‬على توجيه‬         ‫الوعي الكافي بطبيعة النسق الثقافي‬
   ‫نحن‪ ،‬ومواجهة سلبيات حياتنا‬       ‫الأحداث بطريقة ساذجة‪ ،‬متسرعة‬             ‫والتيارات الفكرية المتصارعة في‬
     ‫بصورة حقيقية‪ ،‬بد ًل من أن‬        ‫لم تستوعب الأبعاد كافة لطبيعة‬            ‫المجتمع‪ .‬ولذا تص ُدر أحكامهم‬
    ‫ُتفرض علينا هذه الإصلاحات‬                                                ‫قديمة دون تحديث‪ ،‬تخرج أي ًضا‬
                                                   ‫القوى في المنطقة‪.‬‬          ‫بصورة شاملة ومجملة‪ ،‬وكأن‬
‫بطريقة عنيفة‪ ،‬أو تتصور قوة من‬           ‫لعله بات من الضرورة الملِ َّحة‬       ‫دول المنطقة كلها كتلة واحدة لا‬
‫القوى ‪-‬ولتكن أمريكا‪ -‬أن توبخنا‬         ‫أن ننظر للتغيرات العالمية‪ ،‬ليس‬                         ‫فوارق بينها‪.‬‬
                                      ‫و ْف ًقا لإرادة أمريكا أو الغرب‪ ،‬أو‬   ‫لعلنا لاحظنا طبيعة تكوين اللجنة‬
                                       ‫القوى الصاعدة في الشرق‪ ،‬بل‬             ‫برئاسة سامانثا‪ ،‬وكيف أنها في‬
                                      ‫و ْفق استيعاب أحدث ما وصلت‬
                                    ‫إليه الحضارة العالمية من منجزات‬        ‫ثلاثة شهور فقط قدمت توصياتها‬
                                         ‫فكرية تو َّصل إليها الإنسان؛‬      ‫بأنه على الولايات المتحدة أن تكف‬
                                      ‫نتيجة للخبرات والعلوم والتب ُّحر‬     ‫عن دعم الأنظمة الاستبدادية‪ ،‬دون‬
                                        ‫بها‪ ،‬فلقد باتت مجموعة بنود‬          ‫دراسة كافية لتشابكات القوى في‬
                                     ‫تتضمنها مواثيق حقوق الإنسان‬
                                                                              ‫تلك البلدان‪ ،‬وهو ما أسفر فيما‬
                                                                            ‫بعد عن ق ْفز الإخوان على السلطة‬

                                                                                   ‫في عدد من بلدان المنطقة‪.‬‬
                                                                              ‫وتتجلى طبيعة المع َلن والمسكوت‬

                                                                                ‫عنه في تلك المذكرات بصورة‬
                                                                                ‫واضحة؛ فليس من المستب َعد‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276