Page 272 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 272

‫العـدد ‪25‬‬                            ‫‪270‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

 ‫لا يدركون خطورة أن هذا الفتح‬       ‫عندما تحدث في منطقتنا؛ يستحوذ‬             ‫س ًّرا أو علنًا‪ ،‬أو تفرض علينا‬
 ‫إن لم ين َّظم ويرا َقب بوعي كبير؛‬   ‫على نتائجها محتكرو الثروات في‬          ‫عقوبات؛ على الجميع العمل على‬
  ‫سيترك الفرصة سانحة لتوغل‬            ‫بلداننا والطبقة العليا‪ ،‬ولا تظهر‬
                                     ‫آثار ارتفاع النمو هذه على الطبقة‬                        ‫عدة محاور‪:‬‬
    ‫تيارات الإسلام السياسي في‬          ‫الوسطى والدنيا‪ ،‬وهو ما ُيظهر‬        ‫‪ -‬يتعين أن تتم تغييرات جذرية‬
     ‫المجتمعات العربية على أرض‬       ‫عدم عدالة توزيع الثروة والد ْخل‬     ‫في منظومة ثقافتنا‪ ،‬ليس في تمكين‬
 ‫الواقع مرة ثانية‪ ،‬سيعودون كما‬           ‫العام‪ ،‬هناك خلل في المنظومة‬
     ‫كانوا قبل ثورة يناير ‪،2011‬‬       ‫الاقتصادية السياسية ينبغي ألا‬            ‫المرأة وحصولها على التعليم‬
     ‫بمضاعفة العنف الذي يحكم‬                    ‫نصمت في مواجهته‪.‬‬             ‫والوظائف فقط‪ ،‬لكن في تغيير‬
  ‫أداءهم‪ ،‬وكيف أن ِف ْكر جماعات‬        ‫حين أراد أوباما أن يأتي بمثال‬      ‫الأنماط الثقافية للشعوب العربية‪،‬‬
     ‫الإسلام السياسي‪ :‬الإخوان‬         ‫اختار الرئيس مبارك‪ ،‬الذي ُخلع‬       ‫ومراجعة وغربلة مقولات الثقافة‬
‫والسلفيين‪ ،‬يسيطر ويشل القدرة‬           ‫من الحكم ثم مات‪ ،‬لكن كتابته‬        ‫الإسلامية فيما يخص المرأة‪ .‬ولن‬
    ‫على التفكير الجيد عند جموع‬        ‫بلا شك ترمي إلى معظم الحكام‬          ‫يتأ َّتى هذا سوى بتطوير مناهج‬
  ‫الشعوب البسيطة في المجتمعات‬                               ‫العرب‪.‬‬           ‫التعليم‪ ،‬وتنوير عقلية المد ِّرس‬
                                       ‫‪ -‬وهنا ينبغي النظر والإشارة‬         ‫وتثقيفه وإعادة تأهيله‪ ،‬وتطوير‬
                       ‫العربية‪.‬‬          ‫إلى مهام وصلاحيات الحكام‬            ‫الأجهزة الإعلامية‪ ،‬الإعلاء من‬
   ‫وأحسب أنه لا مناص من ف ْتح‬           ‫المتضخمة في طبيعة ال ُّسلطات‬         ‫شأن التفكير العقلاني وعلوم‬
‫وتشجيع المناخ السياسي‪ ،‬على أن‬           ‫التي تتعاقب على حكمنا‪ ،‬حيث‬           ‫الفلسفة‪َ ،‬س ِّن القوانين الرادعة‬
‫يتم بخطوات تدريجية ومحسوبة‪،‬‬             ‫ينبغي النظر م َّرات وم َّرات في‬  ‫التي تكفل حقوق المرأة والإنسان‪،‬‬
  ‫لحين ُنضج ونزاهة الممارسات‬                                             ‫وأن ُتم َّكن هذه القوانين على أرض‬
                                    ‫الحكم المطلق‪ ،‬وما يج ُّره من سخط‬         ‫الواقع‪ ،‬الاهتمام والوعي بدور‬
     ‫السياسية الحزبية‪ ،‬وخاصة‬         ‫عام لدى الشعوب‪ ،‬التي أصبحت‬               ‫الفنون والآداب السامية ذات‬
  ‫بعد تو ِّل بايدن للحكم‪ ،‬وهو ما‬         ‫أنضج في النظر إلى حقوقها‪،‬‬           ‫الرسائل الإنسانية‪ ،‬التي تعي‬
                                          ‫في الوعي بطبيعة الاستبداد‬          ‫دورها في حياة من يتلقى هذه‬
                                           ‫والاستحواذ على الثروات‪،‬‬          ‫الفنون على أرض الواقع‪ .‬أعني‬
                                          ‫وسوء توزيع تلك الثروات‪،‬‬           ‫أن التطوير لن يتأ َّتى إلا ضمن‬
                                       ‫بما يورث الشعور بالظلم لدى‬          ‫منظومة شاملة تنهض محاورها‬
                                         ‫طبقات عريضة من البسطاء‪،‬‬            ‫بعضها بالآ َخر؛ لنستطيع خ ْلق‬
                                           ‫وإعادة النظر أي ًضا لقضايا‬
                                    ‫الحريات‪ ،‬وحرية التعبير والتفكير‬                 ‫مناخ عام من النهضة‪.‬‬
                                                         ‫والاجتهاد‪.‬‬          ‫علينا أن نسعى لهذا‪ ،‬ليس لأن‬
                                       ‫‪ -‬لقد بات من الضروري ف ْتح‬           ‫أوباما ‪-‬أو غيره ممن يتعاقبون‬
                                     ‫المجال السياسي والتعدد الحزبي‬          ‫على الحكم‪ -‬يقوله ويكتبه؛ لكن‬
                                         ‫في الحياة السياسية المصرية‬
                                         ‫والعربية‪ ،‬هناك حالة اختناق‬           ‫لأنها هي الحقائق التي يجب‬
                                     ‫وركود عامة في المجال السياسي‬            ‫أن يدركها كل إنسان عصري‪،‬‬
                                     ‫والحزبي‪ ،‬وهو ما ينذر بحالة من‬
                                      ‫السخط والاستياء غير محسوبة‬              ‫موضوعي التفكير وعقلاني‪،‬‬
                                                           ‫العواقب‪.‬‬        ‫إنسان يحترم اللحظة التاريخية‬
                                    ‫المأزق الحقيقي هنا؛ أن الأمريكان‬
                                                                                         ‫التي يعيش فيها‪.‬‬
                                                                          ‫‪ -‬يتحدث أوباما عن انخفاض أو‬
                                                                         ‫تو ُّقف النمو‪ ،‬والطبيعة الاستبدادية‬
                                                                          ‫للحكام‪ ،‬ولع ِّل هنا يجب أن أشير‬
                                                                            ‫أي ًضا إلى أن ارتفاع نسب النمو‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277