Page 277 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 277

‫‪275‬‬          ‫ثقافات وفنون‬

             ‫كتب‬

‫جيرار جينيت‬  ‫جمال الغيطاني‬                            ‫امبرتو إيكو‬              ‫(‪ )6‬التي فيها يستعين السارد‬
                                                                           ‫بالمتخيل الحكائي من أجل مواجهة‬
    ‫بالرقى‪ ،‬وتارة أخرى هو ول ٌّي‬        ‫رؤيا للعالم بالوعيين القائم أو‬
      ‫صال ٌح يحمل أورا ًدا وأدعي ًة‬    ‫الممكن‪ ،‬اللذين يحققهما الإيهام‬        ‫بصاصي القاهرة‪ ،‬محاو ًل بذلك‬
                                                                                 ‫إعادة كتابة تاريخ القاهرة‪.‬‬
   ‫وأذكا ًرا‪ ،‬وله كتاب (الاستغفار‬        ‫السردي وقد تداخل الواقعي‬                ‫وهو ما نجده في رواية (في‬
    ‫في عجائب الأمصار)‪ .‬وبسبب‬           ‫بالتخييلي‪ ،‬بل تريد تهديم رؤيا‬
  ‫هذه الحيرة التي يتركها الح ّكاء‬                                             ‫بلاد النون)(‪ )7‬للروائي والناقد‬
  ‫في نفوس متلقي حكاياته‪ ،‬يفخر‬             ‫العالم أص ًل وإقامة يوتوبيا‬         ‫المغربي أحمد المديني التي فيها‬
    ‫بقدرته على الإيهام التي منها‬      ‫عالم آخر بدلها هي (بلاد نون)‪،‬‬          ‫يعمل المتخيل الحكائي على جعل‬
 ‫يتحصل على رزقه‪“ :‬أنا السارد‬                                                ‫السرد مثليًّا يروي نفسه بنفسه‪،‬‬
    ‫لا غنى عني أحتاج أن أكون‬              ‫التي ب ّشر الح ّكاء بها الناس‬
  ‫في كل مكان”(‪ .)9‬ولا يتوانى من‬        ‫طالبًا منهم الانتظار‪ ،‬لا بوصفه‬            ‫من خلال استعادة توظيف‬
 ‫استعمال اللهجة العامية المغربية‬       ‫سار ًدا علي ًما ولا مشار ًكا وإنما‬    ‫الفعل الحكائي بطريقة تنميطية‪،‬‬
 ‫في حكاياته‪ ،‬لكنه يعمد إلى جعلها‬
 ‫مكتوبة بخط غامق تميي ًزا لها عن‬        ‫بوصفه سار ًدا منج ًما وع ّرا ًفا‬       ‫تتداخل فيها الحكاية بالسرد‪،‬‬
 ‫السرد‪ ،‬وتوكي ًدا أ ّن الشفاهية هي‬      ‫متنبئًا‪“ :‬أنا لست مبش ًرا ولا‬       ‫فيغدو الكون القصصي استعاد ًّيا‬
                                     ‫مناض ًل أنتظر ما سيحمله الغد‬
       ‫أصل هذا الحكي المكتوب‪.‬‬           ‫من قوي جديد‪ .‬أنا حكواتي‬                 ‫لمرويات المقامات والحكايات‬
  ‫أما سائر السطور المكتوبة بخط‬         ‫بائع حكايات وشاريها أي ًضا‬             ‫الشعبية‪ ،‬كإشارة اليغورية إلى‬
‫فاتح وباللغة الفصحى فتشير إلى‬           ‫إذا وجدت‪ ،‬أحتاج أن أتغذى‬               ‫ضمور الحداثة السردية أمام‬
  ‫أن هذا السرد هو استعادة لتلك‬       ‫دو ًما بالأخبار‪ ..‬مثلي لا يناسبه‬      ‫كفاءة القدامة السردية ورسوخها‬
‫الشفاهية‪ .‬وكثي ًرا ما تكون العامية‬     ‫الاستقرار‪ .‬الحكاية في الحلقة‬
‫مد ّعمة بذكر أمثال شعبية معروفة‬        ‫تنتقل‪ ..‬تسير‪ ..‬وهي تخترق‬                  ‫بما يجعلها قابلة للاستمرار‬
                                                                                  ‫الإبداعي في السرد ما بعد‬
    ‫مثل (كل تأخيرة فيها خيرة‪/‬‬                 ‫الوقائع والأحلام”(‪.)8‬‬                               ‫الحداثي‪.‬‬
                                     ‫ويحتار الناس في هويته وحقيقته‬
                                                                           ‫ومن خلال تداخل الحكايات َينت ُج‬
                                        ‫فهو تارة ع ّشاب د ّجال يتاجر‬         ‫لنا تعدد صيغي فيه حكاية أولى‬
                                                                             ‫لسارد خارج القصة هو الح َّكاء‬
                                                                             ‫الذي ُيسمى بالحكواتي في بلاد‬

                                                                               ‫المغرب العربي والقصخون في‬
                                                                                 ‫بعض بلاد المشرق العربي‪،‬‬

                                                                            ‫والحكاية الأخرى هي نص محا ٍذ‬
                                                                             ‫يؤديه سارد قابع داخل الحكاية‬

                                                                               ‫ويفكر بالحكاية نفسها‪ .‬وعلى‬
                                                                                ‫هذا الحكاء تقع مهمة تحقيق‬
                                                                              ‫الوهم الحكائي الذي به ينمحي‬
                                                                              ‫المقام السردي‪ ،‬ليكون الإنسان‬
                                                                            ‫هو الأسمى ويغدو انتظار الفرج‬
                                                                              ‫طوباوية مثلى بأنساق تخييلية‬

                                                                                                    ‫معينة‪.‬‬
                                                                           ‫وهو ما راهن عليه د‪.‬أحمد المديني‬

                                                                               ‫جاع ًل الاستعادة لفن الحكاية‬
                                                                            ‫برتوكو ًل سرد ًّيا هو في الأساس‬
                                                                            ‫استراتيجية نصية لا تريد تشييد‬
   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282