Page 279 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 279

‫‪277‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

‫وأفسدت نسوتهم ويريدون سد‬               ‫للحكي‪ ،‬وللتدليل على مقصدية‬        ‫الأمل والهداية نحو حياة أفضل‪.‬‬
  ‫الرمق في انتظار فرج ما”(‪.)16‬‬          ‫التنويم التي أراد المؤلف أحمد‬          ‫ويؤدي الح ّكاء مع نونة في‬

‫وبهذا يكون الروائي أحمد المديني‬          ‫المديني الترميز بها إلى واقع‬       ‫خاتمة المتخيل الحكائي طق ًسا‬
 ‫في استجلابه لدور الح ّكاء القديم‬         ‫موهوم ينبغي الثورة عليه‪.‬‬        ‫فيه جذبة صوفية لا تتملص من‬
                                    ‫والح ّكاء وإن كان شخصية تراثية‬
  ‫قد اقترب من سرديات مواطنه‬              ‫انقرضت من السرد الحداثي‬           ‫واقعية الحياة‪ ،‬لكنها تريد فهم‬
 ‫الروائي المغربي محمد ع ِّز الدين‬        ‫كما انقراض توظيف الحكاية‬         ‫هذه الواقعية بالتخييل‪“ :‬اعتدت‬
‫التازي‪ ،‬الذي و َّظف الحكاية أي ًضا‬      ‫من الروايات والقصص‪ ،‬فإنه‬          ‫أن أسبل جفني كلما دخلت في‬
 ‫من أجل تحقيق تجليات صوفية‬          ‫يستعيدها هنا مستن ًدا إلى الحكاية‪،‬‬    ‫جدبة قصتي أحسبني أسايف‬
                                     ‫وفيها تتجسد رحلته الباحثة عن‬         ‫وأعارك الفرسان والمصارعين‬
      ‫ومناجاة فيها الذات عاشقة‬        ‫يوتوبيا ليس فيها شر ولا كسل‬          ‫وأتوله مع العاشقين فأنسى‬
  ‫تتمسرب بذات المعشوق في بناء‬       ‫ولا تخاذل ولا رقى ولا سحر ولا‬
                                    ‫شعوذة‪ ،‬كنوع من استعادة ذاكرة‬                             ‫حالي”(‪.)15‬‬
    ‫حلزوني؛ بيد أ ّن المديني منح‬      ‫تم محوها في سرديات الحداثة‪،‬‬       ‫وتصبح نونة العجوز هي اللانونة‬
    ‫الح ّكاء وظيفة جديدة تتجاوز‬       ‫ولهذه الاستعادة وظيفة ما بعد‬      ‫المنومة بالحكاية‪ ،‬فتنتفض وتدمدم‬
    ‫استهلاكية التنويم إلى ثائرية‬      ‫حداثية هي الثورة على أهل بلاد‬
‫التنوير‪ ،‬والدليل على ذلك مغايرته‬      ‫“أهلها فاترون وهم في انتظار‬         ‫وتنجذب وتترنح ولا يكون أمام‬
‫الموقف الذكوري من تاريخ المرأة‬        ‫فرج ما‪ ،‬لا يغامرون‪ ،‬طوعتهم‬           ‫الح ّكاء إلا أن يسلِّم لها‪ ،‬ويكرر‬
 ‫بموقف تصالحي‪ ،‬كاش ًفا الزيف‬              ‫الحاكمية‪ ،‬شردت رجالهم‬         ‫معها مناد ًيا (سيدي ومولاي) مع‬
   ‫التاريخي ومحاو ًل تصحيحه‪،‬‬                                             ‫إنقاص كتابة (سأقوله له) بالعد‬
 ‫وهو بالضبط ما تريده سرديات‬                                             ‫التنازلي لينتهي عند الحرفين اللام‬
                                                                            ‫والهاء كتوكيد للبعد الشفاهي‬
                     ‫الاستعادة‬

                                                                        ‫الإحالات‪:‬‬

                      ‫‪ -1‬ينظر‪ :‬عودة إلى خطاب الحكاية‪ ،‬جيرار جينيت‪ ،‬ترجمة محمد معتصم‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬المغرب‪ ،2000 ،‬ص‪.14‬‬
                      ‫‪06/historical-imagination-and-historical.html/2- See; http://jim-murdoch.blogspot.com/2010‬‬

                                                                                                  ‫‪ -3‬عودة إلى خطاب الحكاية‪ ،‬ص‪.63‬‬
     ‫‪ -4‬رواية تاريخ مصطلح اجترحته بقصد الاشتغال الشكلي الموضوعي ما بعد حداثي على التاريخ الرسمي‪ ،‬تبنيًا لطروحات فلسفة التاريخ‬
      ‫المعاصرة وتضامنًا مع توجهاتها التقويضية‪ .‬والهدف المركزي هو عدم التسليم للتاريخ وفي الوقت نفسه الظفر بالحاضر الآني استشرا ًفا‬
‫للمستقبل القادم وبما يضمن للإنسان وجو ًدا ح ًّرا تأصيليًّا ليس فيه احتواء ولا إقصاء‪ .‬وما يهم كاتب رواية التاريخ هو الحدث لا الواقعة ومن‬
‫دون تقييد موضوعي ولا تحييد فني أو حظر على استثمار المخيلة لا يجيز للكاتب الزوغان في المنقولات أو الانفلات من التوثيق للمرويات‪ .‬ينظر‪:‬‬

                                          ‫السرد القابض على التاريخ‪ ،‬د‪.‬نادية هناوي‪ ،‬دار غيداء للتوزيع والنشر‪ ،‬عمان الأردن‪ ،‬ط‪.2018 ،1‬‬
                                                       ‫‪ -5‬اسم الوردة‪ ،‬إمبرتو إيكو‪ ،‬ترجمة أحمد الصمعي‪ ،‬دار أويا‪ ،1991 ،‬ص‪.30 -29‬‬
                                                             ‫‪ -6‬الزيني بركات رواية‪ ،‬جمال الغيطاني‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1994 ،2‬‬

  ‫‪ -7‬في بلاد النون رواية‪ ،‬أحمد المديني‪ ،‬دار الروابي‪ ،‬ط‪ .2018 ،1‬والرواية بثلاث مئة صفحة وهي الرواية الخامسة عشرة لأحمد المديني وأول‬
   ‫رواية له كانت (زمن بين الولادة والحلم) عام ‪ ،1976‬وله مجموعات قصصية كما كتب رحلات ونصو ًصا سيرية ومجموعات شعرية‪ .‬وآخر‬

                                                   ‫كتاب صدر له في الدار البيضاء عام ‪ 2019‬هو (فتن كاتب عربي في باريس‪ ،‬سير ُة ذات)‪.‬‬
                                                                                                                ‫‪ -8‬الرواية‪ ،‬ص‪.239‬‬
                                                                                                                ‫‪ -9‬الرواية‪ ،‬ص‪.285‬‬
                                                                                                               ‫‪ -10‬الرواية‪ ،‬ص‪.132‬‬
                                                                                                               ‫‪ -11‬الرواية‪ ،‬ص‪.302‬‬
                                                                                                               ‫‪ -12‬الرواية‪ ،‬ص‪.177‬‬

                                                                                                         ‫‪ -13‬الرواية‪ ،‬ص‪.178 -177‬‬
                                                                                                               ‫‪ -14‬الرواية‪ ،‬ص‪.304‬‬
                                                                                                               ‫‪ -15‬الرواية‪ ،‬ص‪.134‬‬
                                                                                                               ‫‪ -16‬الرواية‪ ،‬ص‪.238‬‬
   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284