Page 274 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 274
العـدد 25 272
يناير ٢٠٢1
حين يتحدث أوباما عن خطابه في المستدامة من خلال التصنيع، عاد ًل -استوجب وجود الجيوش
جامعة القاهرة؛ يستشعر القارئ والزراعة ،والسياحة وغيرها من وتسليحها ،وهو ما يصب في
مجالات اقتصادية ،النهضة بن ُظم مصالح أمريكا أي ًضا ،وضمان
أنه في مواجهة نبي أو ُمل ِهم التعليم المتطور ،بالبحث العلمي،
وليس سياسيًّا ،لعلنا هنا نلحظ بالتفكير العقلاني ،هذه هي بعض استمرار عمل مصانع الأسلحة
صبغة الرعاية الأبوية والشعور الأسس التي باتت تقنع الشعوب بها ،كما أنه في ِظ ِّل مواقفها
بصلاحيه حكامها أو حالة عدم
بالمسئولية ،هذه الرعاية التي الصامتة أو المها ِدنة إزاء كل تلك
تتجسد أهم تجلياتها في مصالحهم الجدوى. القوى المتصارعة في المنطقة الآن
-وحين يقول أوباما“ :جع ْلنا سواء في أطماع تركيا أو إيران أو
الخاصة فقط .هذه الفوقية المستبدين حلفاءنا” ،تتهاوي قطر؛ لن يدع تراخيها مجا ًل لأحد
التي تتجلى أي ًضا في تشبيهه وتنفرط كل شعارات الأمريكان للحديث في تجهيز تلك الجيوش،
للانتفاضة التي تو َّقع أن تقوم عن الديمقراطية ،وندرك طبيعتها فاللحظة قابلة للاشتعال في عدد
بها تلك الشعوب بأنها ستكون الصورية لديهم ،تتحدد فقط من المواقع الساخنة في المنطقة.
«مثل إعصار سيئ يضرب ساحل بحسب مصالحهم ،فهي ليست
الخليج أو يضرب كاليفورنيا»، -كما يتعين على ال ُّسلطات
هذا التشبيه الذي يحمل دلالة منظومة قيم مترسخة في السياسية الحاكمة في منطقتنا
كأننا ضمن ممتلكات أمريكا أو وجودهم ،بل مستند براق و ُم ْغ ٍو
يتلوو ُّجحهوبنر بجهماتح ْيسبِص ْرمنافف،عيهمح،اففيظ إعاد ُة النظر فيما يختص
بعض ولاياتها. على زعامته للعالم ،في الوقت الذي بالتقييد على الصحافة وحرية
ويبدو الأمر لقارئه أن الحضور يقول فيه أوباما« :جع ْلنا المستبدين التعبير ،وأي ًضا و ْضع القوانين،
وتحديث ُط ُرق المراقبة لمحاربة
والمستمعين لخطابه كانوا حلفاءنا»؛ يقع في التناقض بين أشكال الفساد التي استشرت
ينتظرونه ليلهمهم بالأفكار ابتغائه الديمقراطية كقيمة ،وبين في المجتمعات منذ عقود ماضية،
والطاقة ،التي بها نستطيع التغيير
أو القيام بانتفاضات ،كأننا لا ضرورة الحفاظ على مصالحه، استمر فيها ن ْهب مق َّدرات
ندرك سوء أوضاعنا وما نعانيه حتى لو أن َم ْن ض َمنها له حاكم الشعوب ،لعل القوى الحاكمة
من مشكلات ،ربما هذا هو ما أو نظام مستبد ،تتبخر رغباتهم تكف عن إشهار ف َّزاعاتها و َت ْرك
يمكن تسميته بنزعتي الص َلف في الحريات والتنمية وف ْرضها مساحات حرية تتنفس فيها
والغرور ،أو الشعور بالسيادة على الآ َخرين؛ لأنها الأفضل في
رغم أن كل تقديراتهم -التي الشعوب.
يض ِّخمون في جدواها -لم تستطع ح ْكم الشعوب عندما تتعارض -كتب أوباما منتق ًدا يقول“ :كان
أن تكتشف طبيعة جماعات المطالبات بها أمام المصالح
الإسلام السياسي ،وما صن َع ْته في العديد من هذه الأنظمة (يقصد
الواقع بق ْفزها على ال ُّسلطة ،و ُبعدها الأمريكية ،وسياسة البقاء على في الشرق الأوسط) قائ ًما لعقود
التام عن معنى و ِق َيم الديمقراطية مصالح إسرائيل في المنطقة،
من حريات أو تدا ُول للسلطة ،أو من الزمن ،متماس ًكا من خلال
فالحلفاء المستبدون الأكثر ضما ًنا الشعارات القومية ،والمعتقدات
مفهوم الوطن ومقوماته للمحافظة على المصالح والتوجهات الدينية المشتركة ،والروابط الق َبلية
والعائلية ،وشبكات المحسوبية”.
الأمريكية.
أو أن هناك نسخ َتين للديمقراطية: علينا أن نعي أن كل هذه
الشعارات القومية التي تح ّدث
واحدة تصلح لشعوبهم عنها في مجالها للتلاشي التام ،بل
ومجتمعاتهم الأعلى ،وأخرى ش َّكلت المعتقدات الدينية والتيارات
تصلح للشعوب التي تستحق
التي تعتنقها سببًا للتناحر
حكامها المستبدين. والطائفية ،المقومات الحقيقية التي
تنهض بها البلدان هي التنمية