Page 102 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 102

‫العـدد ‪27‬‬                       ‫‪100‬‬

                                                                              ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

           ‫محمد فيض خالد‬

           ‫ال ّدراوة‬

‫افليفراظلغماتلِه‪ّ ،‬صوافمحتيالحمتالششح ّربيالصخ ّمو ا ِلفآذبالان‪،‬هيوفايد ٍة‪،‬ض‬  ‫ما إن تعلو شواشي ِعيدان ال ّذرة‪ ،‬فتتراقص‬
                                                                              ‫شعرات كيزانها ال ُّشهب‪ ،‬حتى تغوص القرية‬
‫يظل الناس هكذا على حالتهم‪ ،‬إلى أن تمشي‬                                        ‫أفميياغامُلمجوراتٍجتِترماثنجعاعَلحاكبلاايّالشلمأيبلنسااءلبذالويمنجنهلصاهار ُ‪،‬يالعأور ُطصفرفلرفهممنملة‪.‬‬
‫جذوة النّهار في فحم ِة الليل‪ ،‬وينحدر برقعه‬
        ‫وج ِه ال ّصباح الشاحب‪.‬‬     ‫فيكشف عن‬
‫بشغ ٍف‬  ‫يتس ّمعوا أحادي َث المساء‬  ‫يلتف الناس‬                                 ‫الحزين‪ ،‬أمام كتائب ال ّظلام المخيفة‪ ،‬حينها‬
‫وفزع‪ ،‬تشاهد دخان نفوسهم وهي تحترق‬                                             ‫يغمر المكان سكو ٌن قاتل‪ ،‬فلا تبدو معه‬
  ‫تتاب ِع‬  ‫ببطء‪ ،‬تكتمل الصورة فظاع ًة مع‬                                      ‫بارقة أمل‪ ،‬تخمد الحركة فو َق الجسو ِر التي‬
‫المصدر‪،‬‬    ‫أصوا ِت الأعيرة النارية مجهولة‬                                     ‫تزاحمت مع المغي ِب‪ ،‬بأسرا ِب الفلاحين‪،‬‬
‫التي تملأ الأفق في فوضاها قادمة من مكا ٍن‬                                     ‫تتسابق في حمي ٍة عائدة من ف ِجا ِج الأر ِض‬
‫يتنتيّزبعسُكاّللحخنااطج ٍرر‪،‬مونتزميكغمنا ِله‪،‬أبوفصاورق‪،‬‬  ‫سحيق‪،‬‬                  ‫طويل‪ُ ،‬تلهب ظهور ال ّدواب‬     ‫بعد َجه ِد يوم‬
                                                         ‫لحظتئ ٍذ‬               ‫ابنة النّهار خيوطها الهاملة‪،‬‬  ‫قبل أن تلمل َم‬
‫المصاطب تغذي جلسات ال ّسمر تلك المخاوف‬                                        ‫كانت‪ ،‬حتى إذا زلفت ال ّشمس‬      ‫لتستقر حيث‬
 ‫في جلا ٍل ورهبة‪ ،‬تتحرك الألسن في تحف ٍز‪،‬‬                                     ‫ثو َب المساء‬  ‫العمُتنربكب ِدصالبا ّلسمحاقء‪،‬و ِل ُ‪،‬ت ِغرساقعتئضٍذفاتئخرهشاع‬
‫فتنزح من آبا ِر الرهبة‪ ،‬ما يغرق القلوب في‬                                     ‫الأصوا ُت‪،‬‬
‫شلا ٍل يزعزع أركانها‪ ،‬فتزيدها ه ًّما إلى ه ٍّم‪،‬‬                                             ‫فلا تسمع إلا ِركزا‪.‬‬
           ‫وكم ًدا فوق كمد‪.‬‬                                                   ‫ينقطع حبل ال ّرجاء عن الموجودا ِت‪ ،‬تنحصر‬
‫غهبم ًِسشااليأتعهاتالكب‪،‬الينظسالءالفناي أسحايدتيثخبهطنوالنبا تهيت ًةها‪،‬في‬     ‫حركة الأهالي بين جدرانهم الكئيبة‪ ،‬تنبعث‬
  ‫في غياه ِب اللي ِل المترامية‪ ،‬وقد سرى فيهم‬                                  ‫أضواء المصابيح على استحيا ٍء‪ ،‬تتراقص‬
                                                                              ‫ذبالتها خج ًل فو َق الحيطا ِن المرتجفة‪ ،‬التي‬
‫كسل الرضا بالمقسو ِم‪ ،‬وانتظار الفرج الذي‬                                      ‫تخشى على نفسها ما يخشاه أهلوها‪ ،‬الذين‬
‫لن يكون بغي ِر انقضاء موسم الذرة‪ ،‬وانتزاع‬                                     ‫علاهم الوجوم فأضحوا كطرائ ِد الليل‪ ،‬التي‬
           ‫آخر عيدانه من الحقو ِل‪.‬‬                                                          ‫تفزع من صيادها‪.‬‬
‫حتى ال ّدواب والدواجن أصابها ما أصا َب‬                                        ‫يظ ّل التوجس يكتنف القلوب التي تعلّقت‬
  ‫أصحابها من خر ٍس‪ ،‬فهي أحرص على‬                                              ‫بذاك المجهول الممدد فوق حقول الذرة‪ ،‬يلوك‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107