Page 108 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 108

‫العـدد ‪27‬‬  ‫‪106‬‬

                                                         ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

                                                                    ‫د‪.‬أحمد جارالله ياسين‬

                                                                                        ‫(العراق)‬

‫بنية الانقطاع‪ ..‬خلف شال أحمر‬
       ‫مقاربة نقدية في قصص‬

    ‫“شال أحمر يحمل خطيئة”*‬

 ‫وتسليط الضوء عليه‪ ،‬بعد أن عمدت إلى ستره وإخفائه‬          ‫ثمة خلل أو تغيير كبير في طرق التواصل والتعايش‬
  ‫الخطابات الأخرى غير الأدبية‪ ،‬التي تر ّوج لموضوعات‬
‫المتن التي تنتهي نهايات سعيدة كما في الأفلام المؤدلجة‪،‬‬       ‫بين المخلوقات جمي ًعا‪ ،‬لاسيما البشرية وحتى غير‬
                                                         ‫البشرية‪ ،‬على مستوى العلاقات بينها وطبيعتها‪ ،‬القريبة‬
   ‫لصالح بث ثقافة رومانسية حالمة متفائلة‪ ،‬تسهم في‬
 ‫التخدير لا التنوير‪ ،‬مثلما ألمحت إلى ذلك القصة المركزية‬    ‫والبعيدة‪ ،‬المنطقية والاجتماعية والنفسية والسياسية‬
                                                              ‫والجنسية‪ ،‬وإلى الحد الذي أسس في النهاية لبنية‬
    ‫(شال أحمر يحمل خطيئة) في المجموعة التي حملت‬
                                  ‫العنوان نفسه‪.‬‬            ‫(الانقطاع) المهيمنة على (الرؤية الفكرية) الرئيسة في‬
                                                            ‫الفضاء الدلالي لمجموعة (شال أحمر يحمل خطيئة)‪،‬‬
    ‫وتلك البنية أشبه بذلك الجسد الذي يحمل خطيئته‪،‬‬            ‫والذوات القصصية فيها‪ ،‬وتجلى الانقطاع بأشكال‬
   ‫ويحاول ستر انقطاعه عن التواصل الجسدي المقبول‬            ‫مختلفة في تفاصيلها‪ ،‬متشابهة في وقوفها في النهاية‬
 ‫بأشكاله المعلنة التقليدية مع العالم بشال أحمر‪ ..‬يزيده‬      ‫بعي ًدا عن حاف ِة آخ ٍر أ ًّيا كان‪ :‬حبيبًا‪ /‬حبيبة‪ ،‬زو ًجا‪/‬‬
   ‫‪-‬من دون أن يدري‪ -‬إثارة‪ ،‬ويس ُمه‪ ،‬و ُي ْعلمه‪ ،‬كجسد‬      ‫زوجة‪ ،‬حاك ًما‪ /‬محكو ًما‪ ،‬أبنا ًء‪ /‬أمهات‪ /‬آبا ًء‪ ،‬أحفا ًدا‪/‬‬

     ‫مستعد للتواصل مع الآخرين‪ ،‬لكن ليس في لحظة‬                ‫جدات‪ ،‬نساء شبقات ورجال باردون أو بالعكس‪.‬‬
 ‫طهارته المؤقتة المزيفة التي يريد أن يعلنها ذلك الشال‪.‬‬     ‫وتلك البنية ‪-‬الانقطاع‪ -‬الخطيرة هي من إفرازات ما‬
‫الانقطاع يتجلى مث ًل بين الزوج وزوجته‪ ،‬الذي تعبر عنه‬        ‫بعد الحداثة عندما يتشوه فهمها ‪-‬ما بعد الحداثة‪،-‬‬
 ‫بنتهما في السؤال الصعب الذي يفرزه البوح المحتدم في‬
‫داخلها‪ ،‬والذي توجهه إلى والدها (كيف لا تعرف خطوط‬             ‫وينحرف تأويلها منحص ًرا بمناطق معتمة تصنف‬
‫الشبق في وجه امرأتك؟)‪ ،‬أما الفشل في العثور على إجابة‬     ‫كلاسيكيًّا ضمن الفضاءات سلبية الدلالة‪ ،‬مثل فضاءات‬

    ‫من أب فارغ من حدس الذكورة مثل (الدورق) كما‬            ‫الانحرافات الجنسية والخيانة والقسوة والتسلّط‪ ،‬ولا‬
‫تصفه البنت‪ ،‬فيكشف سر هذه القطيعة بين الاثنين التي‬        ‫يسعفها في الانتماء إلى موضوعات ما بعد الحداثة وهي‬
‫تركت خلفها ضحيتين (الأم والبنت)‪ ..‬البنت وهي تعاني‬        ‫تحت وطأة ذلك التصنيف القسري‪ ،‬إلا كونها من زاوية‬
                                                         ‫أخرى من (المُه َّمش) الذي ُيحسب لخطاب الأدب كشفه‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113