Page 110 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 110
العـدد 27 108
مارس ٢٠٢1
الثقافة الشعبية حولت العازل إلى مجرد وسيلة يلهو بها
الأطفال بجعله بالو ًنا أو حشوه بالتراب ،لأنها ثقافة لا
تؤمن بالاحترازات الطبية ولا الاجتماعية لتحديد النسل
تحت ضغط الرغبات ،ثقافة عنيدة لا تتقبل الانقطاع
عن التواصل الجنسي المباشر من دون عوازل ،وبغض
النظر عن النتائج «فهم نهمون للمتعة الوحيدة المتاحة
أمامهم التي لا يجيدون غيرها بلا عوائق ولا حسابات
لا يخشون ما ينتج عنها» ،التي أخذت تنحو باتجاه
خطير عندما تحول العازل إلى وسيلة آمنة للتحرش
بالصغيرات ،وحينذاك توقفت ألعاب الصغار الجنسية
بالعازل ،لكنها عند الكبار لم تتوقف لأنها كانت من
دونه ،ولأن الجنس لديهم هو اللعبة الوحيدة التي
يجيدونها.
في (مؤامرات المودة) تكشف القصة المسكوت عنه في
عالم الأنثى ،التي قد لا تكون غيرتها من نظيراتها
بدافع سرقة ازواجهن منهن ،وإنما بدافع نفسي
مضمر يناسب ميولها المثلية «يتصاعد صخبها بازدياد
عدد مفطورات القلب حولها ،تبلغ ذروة النشوة وهي
تأخذهن في أحضانها ،مع كل هدهدة لجروحهن
الطازجة تبدأ لذتها في الصعود حد الانتشاء» ،فهي أنثى
منقطعة عن السلوك العادي والطبيعي للمرأة ،متجاوزة
إياه إلى منطقة التابو في الثقافة الشرقية.
وتكاد أغلب قصص النساء في المجموعة تعرض نماذج
أنثوية تعاني من عراقيل أمامها في تجاربها لعيش
الحياة وفق رؤاها الخاصة ،التي لا تنسجم غالبًا ورؤية
الآخرين حولها ،نماذج تعاني ،ليس ضرورة بسبب
وعي فكري عال أو عميق ومعقد تمتلكه من خلفيات
فلسفية مثلما كنا نقرأ في سرديات الوجوديين ،وإنما
بسبب محاولتها لعيش الحياة وفق ميولها الجنسية أو
العاطفية الخاصة ،أو الاجتماعية ،أو المزاجية ،فأبطال
القصص من الحياة اليومية ،ويمكن أن نلتقي بهم،
لكننا لا يمكن أن نلتقي بالمسكوت عنه خلف أفعالهم
ومواقفهم ،ومهمة القاصة سعاد سليمان الكشف الفني
الجريء بـ(الرؤية ومشتقات أفعالها التي تتصدر
أغلب القصص :وأراني /أراه /تراه /أراهم )..عن
ذلك الجانب المجهول من الحياة ،الذي يعتبره كثيرون
(خطيئة) ،وبحاجة إلى شال لستره مجد ًدا ،وحبسه
في خانة العتمة من الذات الإنسانية ،لاسيما الأنثوية