Page 114 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 114

‫العـدد ‪27‬‬  ‫‪112‬‬

                                                         ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

                                                                    ‫د‪.‬عمار إبراهيم الياسري‬

                                                                                          ‫(العراق)‬

  ‫تعددية المعنى وتحولات المبنى‪..‬‬
‫في مجموعة شال أحمر يحمل خطيئة‬

   ‫وتخلت عن الميراث السردي للشخصية النموذجية‪.‬‬              ‫منذ التنظيرات الأولى للمدرسة الشكلانية شهدت‬
     ‫ولو تابعنا نصوص القاصة «سعاد سليمان» في‬
                                                              ‫النصوص السردية تحولات بنيوية هائلة مبنًى‬
  ‫مجموعتها «شال أحمر يحمل خطيئة» الصادرة عن‬                 ‫ومعنى‪ ،‬أي أن المتون الحكائية بدأت تتخذ اشكا ًل‬
   ‫دار روافد للنشر والتوزيع في القاهرة عام ‪،2017‬‬         ‫متنوعة في معماريتها فارقت البنية الحكائية التقليدية‪،‬‬
  ‫نلحظ أن هذه النصوص البالغ عددها أربع وستون‬             ‫فلم يعد النسق التتابعي نس ًقا مهيمنًا على بنية السرد؛‬
 ‫قصة قد شهد تحولات بنيوية في معمارية النص من‬
    ‫جهة‪ ،‬وتعددية موضوعاتية من جهة أخرى‪ ،‬وهذا‬                   ‫بل تشظى إلى أنساق نسفت التدفق الفيزياوي‬
‫التحول منسجم مع التحولات الشكلية للسرد الحديث‪،‬‬              ‫للزمن‪ ،‬لتتمظهر معها الأنساق المتوازية والمتناوبة‬
  ‫ومتوافق مع التحولات النصوصية للقصة الحديثة‪،‬‬                 ‫والاسترجاعية والدائرية وغيرها؛ وشهد تموقع‬
 ‫ومتسق مع الطروحات النسوية والجنسانية وما بعد‬                ‫الراوي تحولات بنيوية هو الآخر من سارد عليم‬
                                                           ‫خارج الأحداث إلى سارد مشارك مسا ٍو للشخصية‬
                          ‫الكولونيالية للمهمشين‪.‬‬          ‫أو أقل منها‪ ،‬في حين تخلت النصوص عن السرديات‬
 ‫فمنذ عتباتها النصية أعلنت الكاتبة عن تمردها حينما‬          ‫الكبرى التي نسجتها السلطات السياسية والدينية‬
  ‫شاكست الوعي الجمعي الذي يعد هذه الموضوعات‬
                                                              ‫والاجتماعية لتهيمن مكانها نصوص المهمشين‪،‬‬
     ‫من المسكوت عنها‪ ،‬ومن يكسر بنية المألوف يعد‬          ‫سواء كانت نسوية أم جنسانية أم واقعة تحت حيف‬
  ‫خار ًجا عن النسقية المجتمعية‪ ،‬فالشال الأحمر دلالة‬
                                                            ‫الاستعمار أم أجساد ملونة‪ ،‬فقد تسيدت نصوص‬
    ‫مرتبطة بالأنوثة الضاجة بالنشوة‪ ،‬التي قد تكون‬             ‫القاع والشوارع الخلفية من القابعين على حواف‬
      ‫مسايرة للعرف المجتمعي أو خارجه عنه‪ ،‬وهذا‬                ‫التحقير بسبب هيمنة تلك السلطات‪ ،‬فالنصوص‬
     ‫الخروج قد يعرض الجسد الأنثوي إلى انتهاكات‬           ‫المبكرة لـ»جيمس جويس» و»فرجينيا وولف» هشمت‬
                                                            ‫الموروث السردي للرواية القرسوطية التي تحدثت‬
 ‫خطيرة نفسيًّا وجسد ًّيا‪ ،‬ثم تكمل القاصة بنية العتبة‬     ‫عن الفروسية والذكورة المفرطة والمغامرات‪ ،‬والرواية‬
‫بقولها يحمل خطيئة‪ ،‬والسؤال الذي يطرح هنا متعلق‬            ‫الجديدة التي حفرت في جوانيات الشخصيات مبينة‬
                                                            ‫قلقها الوجودي وخواءها الروحي في زمن سحقت‬
   ‫بالمفردتين الأخيرتين من عتبة النص‪ ،‬هل أن حمل‬          ‫فيه الحروب والصراعات الاقتصادية الذات الإنسانية‬
‫الخطيئة متجسد ماد ًّيا أم متمثل فكر ًّيا في عقل البطلة؟‬

    ‫ليبقى هذا التساؤل دلالة مرجأة حسب طروحات‬
‫الناقد التفكيكي «جاك دريدا»‪ ،‬وهذه الدلالة لن يتضح‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119