Page 119 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 119
نون النسوة 1 1 7
بالإنسان بوصفه قيمة عليا ،وفلسفة تسير نحو
فلسفة الاستهلاك التي جعلت من الإنسان وسيلة
للوصول إلى غاياتها الاقتصادية ،إن توظيف الفلسفة
في بنية السرد من الجماليات التي تعطي للقصة دف ًقا
سرد ًّيا ،فعن طريقها تتمظهر الشخصيات ويتوثب
السرد وتنمو الأحداث وتتجلى الخواتيم ،ولو تابعنا ما
ذكره السارد العليم في الصفحة السابعة عشرة بعد
المائة «إثر خلاف مع صاحبه أرهقه جد ًل ،خلع عليه
لقب «حمار» ،لم نعرف هل من باب تكريم «الحمار»
أم تحقي ًرا للصاحب» .نلحظ الجدل الوجودي ما بين
الفلسفتين ،هل ما ورد هو صفة محمودة أم مذمومة؟
هل هو من باب الرفق بالحيوان أم الإساءة للإنسان؟
وسط هذا الاحتراب الفلسفي في بنية القصة تكشف
القاصة لعبتها السردية حينما عرت الفلسفة المادية
التي تسحق الإنسانية عن طريق قتل الشخصية التي
تميل إلى فلسفة «الأنسنة» ،من قبل الفلسفة الثانية
التي تسحق الإنسانية ،فهي فلسفة الدول العظمى
التي تقتات على الدول النامية والفقيرة والمغلوب على
أمرها ،وهي فلسفة الصراع بين المركز والهامش،
فمهما علا صوت المركز يبقى الصوت الإنساني
للهامش المسور بالمحبة والجمال يوجه ضرباته
التقويضية للمركز.
مع نهاية قصص المجموعة يتضح الأثر الدلالي الذي
غاب في البداية ليتمظهر مع النهايات ،لنكتشف دلالة
تشي بصرخة عارمة قبالة الفحولة والمركزية التي
انتهكت الصوت الآخر وحاولت تعليبه ،وجعله يسير
على وفق حمولاتها المعرفية ،وهي دلالة حجاجية تشي
بصوت المقهورين ،سواء كانوا من النسوية أم من
المهمشين على وفق بنية معمارية شهدت تحو ًل فار ًقا
بين قصة وأخرى.
سعاد سليمان قاصة خبرت متون الفلسفة وعرفت
تقانات السرد الحديث ،لذا جاءت مجموعتها مبتكرة
في بنيتها الشكلية المنسابة على وفق بنية متسقة
جماليًّا ومختلفة معمار ًّيا وموضوعاتيًّا ،وهذا هو مآل
القاص حينما يكون نصه ورشة تجريبية بعيدة عن
المألوف السردي