Page 118 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 118

‫العـدد ‪27‬‬  ‫‪116‬‬

‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

     ‫النص الحديث محققة تحو ًل في المبنى وتعد ًدا في‬
 ‫المعنى عن النصوص السابقة‪ ،‬على الرغم من النسقية‬

                             ‫الشمولية للمجموعة‪.‬‬
       ‫ولم تختلف قصة «تجاعيد المرآة « في خطابها‬
 ‫الحجاجي الرافض عن باقي قصص المجموعة‪ ،‬لكنها‬
‫انمازت بنهايتها المفارقة على الرغم من الإحالة الدلالية‬
      ‫لها في عتبة القصة‪ ،‬فالراوي العليم الذي يسرد‬
     ‫لنا الرغبات النسوية المؤجلة للبطلة والتي تمثلت‬
  ‫بالزواج الذي وأدته السنين تحت يافطة ثياب النوم‬
   ‫التي ستجمعها بالعريس المنتظر‪ ،‬ومع نزيف سني‬
 ‫العمر وموت الخصوبة‪ ،‬لملمت البطلة ملابس السنين‬
 ‫لتلقي بها من شباك غرفتها معلنة رفضها الوجودي‬
 ‫للسلطات القبلية والاجتماعية والثقافية التي قوضت‬
 ‫وجودها الحياتي والروحي وانتهكت طموحاتها‪ ،‬ولم‬
 ‫تكتف القاصة بذلك؛ بل عقدت مقاربة فلسفية ما بين‬
   ‫البطلة والمرآة حينما جعلت من البطلة تشوه المرآة‬
  ‫بوساطة علبة الدهان التي طلتها بها‪ ،‬كما نلحظ ذلك‬
 ‫في نهاية الصفحة الثامنة بعد المائة «وقفت أمام المرآة‬
   ‫تتحس تجاعيد افترست شبابها بلا شفقة‪ ،‬أمسكت‬
  ‫علبة الكريم وبدأت في طلاء المرآة»‪ ،‬فالمرآة بوصفها‬
‫وجه آخر للحياة‪ ،‬أو هي بنية المحاكاة المباشرة للبطلة‬
  ‫التي ترى من خلالها الخيبات التي تركت بصماتها‬
   ‫على وجهها‪ ،‬لذا كان طلائها هو الخطاب الحجاجي‬
    ‫الرافض للسلطات التي ورد ذكرها‪ ،‬وهذه النهاية‬
    ‫المفارقة كسرت أفق التوقع لدى القارئ‪ ،‬وهذا ما‬
 ‫تسعى إليه نصوص الحداثة حينما جعلت من المتلقي‬
  ‫بنية فاعلة مؤثرة ومتأثرة من خلال ردمه للفراغات‬
   ‫السردية ولملمة الأحداث المتناثرة‪ ،‬وسعيه الدؤوب‬
     ‫لقراءة النهايات‪ ،‬إن قصة «تجاعيد المرآة» فارقت‬
‫النصوص السابقة في بنيتها السردية‪ ،‬وهذا ما تسعى‬
   ‫إليه القاصة في تشكيلها البنيوي المتنوع في معماره‬
 ‫السردي‪ ،‬فالمجموعة القصصية لديها ورشة تجريبية‬

                   ‫متعددة المعاني ومتحولة المباني‪.‬‬
   ‫العينة الأخيرة في هذه الدراسة تنماز ببنية مختلفة‬
 ‫عن سابقاتها‪ ،‬ولو تأملنا قصة «مفارقة» التي وظفت‬

     ‫القاصة فيها مفهوم «الأنسنة» بين شخصيتين‪:‬‬
     ‫الأولى تسقطها على الجمادات وسائر الأحياء من‬
  ‫غير البشر‪ ،‬والثانية تسقط مفهوم الجمادات وباقي‬
 ‫الأحياء على البشر‪ ،‬وسط هذه الثنائية يشتد الصراع‬
      ‫ما بين الفلسفتين المادية والمثالية‪ ،‬فلسفة تؤمن‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123