Page 115 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 115
نون النسوة 1 1 3 أثرها إلا مع الحفر عمي ًقا في بنية النصوص القابلة في
رحلة عصية على التقعيد ،فالمنهج التفكيكي يشتغل على
الأول تمثل من خلال بنية الخصب والنماء التي اللعب الحر بالعلامة ضار ًبا بالسنن السالفة في عرض
انماز بها الدورق ،وغيبت عن الزوج بعد أن غادرته
الزوجة نحو عشاقها الآخرين ،والثاني تمثل من خلال الحائط.
حضور الدورق وغياب الزوج والعكس صحيح؛ وهنا ثم تبادرنا القاصة بالعتبة الثانية من نصوصها
نلحظ تمظهر بنية الحضور والغياب بين النسقين في الموازية ،وهي عتبة الإهداء التي تسورت بإحالات
بنية نسقية غادرت البناء التتابعي نحو البناء المتناوب، دلالية تشي بمفاهيم عصية على التأويل في مهادات
المجموعة ،ولن تتضح إلا مع الانغمار بين طيات
إن عملية التحول بين النسقين حققت لنا معمارية
حداثية غادرت البناء التقليدي عن طريق تموقع النصوص حتى النهاية ،إذ تقول« :إلى أبطال
قصصي ..منحتموني متعة نسجتها حكايات».
الراوي المشارك بالأحداث ،ولو تابعنا صوت السارد والسؤال الذي ُيطرحَ ِ :ل تهدي الكاتبة نصوصها
المشارك في الصفحة السابعة حينما يقول« :أتعرف يا لهم؟ سيجيب القارئ العادي من خلال ما بينته في
أبي ،إنك تشبه هذا الدورق الأخضر الفارغ» ،نلحظ أن عتبة الإهداء :لأنهم منحوها متعة نسج الحكاية ،ولكن
السارد المشارك حقق لنا في مستهله القصصي المعادل القارئ النموذجي سيصبر ويبحث عن مصاديق
الموضوعي الذي تمظهر عن طريقه ماهية الشخصيات أخرى على وفق تساؤلات جديدة ،هل هؤلاء المهمشين
والمهمشات الذين نسجت القاصة الحكايات عنهن
وبنية الصراع في جملتين ،ثم تسترسل الساردة يستحقون التدوين؟ هل هذه النصوص هي بنية
بقولها في ذات الصفحة« :تضعه أمي على سور شرفة حجاجية تقوض السلطات التي تحاول تعليب الإنسان
بيتنا في المدينة البعيدة» ،وهنا يتجلى لنا المكان في بنية وتقويضه؟ فالسلطات حسب المفهوم «النيتشوي»
هي منظومات تعلب الإنسان ،بل تجعل منه «زومبي»
حدثية تشي بحدث غامض لم تفصح عنه ،إن بنية
الاستهلال حققت لنا مآلات القصة الحديثة؛ حينما تحركه على وفق ما تريد.
أوجزت لنا في بنية شمولية ماهية المكان والشخصيات إن الأسئلة التي ورد ذكرها ساب ًقا سنتلمس إجاباتها
والصراع ،وخلقت لنا مقدمة منطقية لانطلاق الفعل، في قابل النصوص ،وهذه هي اللعبة السردية الحديثة
في حين شهد المتن القصصي عبر البناء المتناوب توثب
الصراع ونمو الأحداث نحو الذروة التي تمثلت من التي تشتغل على تفعيل ساردية المتلقي من خلال
خلال حديث الساردة في الصفحة الثامنة« :فارغ أنت لملمة الأحداث المتناثرة ،وترتيب الأزمنة وقراءة
يا أبي ،لم تر مواجعي ،لم تدرك ما لم يقله لساني»،
الدلالات والتعاطي مع فلسفة النص ،ليصبح المتلقي
لنشهد النهاية المفارقة للقصة حينما جعلت من معها منت ًجا آخ َر لا يقل قيمة ثقافية عن قيمة المنتج
الدورق والأب على اختلافهما يتماهيان في بنية واحدة السردي ،وهنا تكتمل المنظومة السردية القائمة على
هي الاختفاء ،ولم تكتف القاصة في صياغة معمارها ثالوث بنيوي قوامه السارد والمادة السردية والمسرود
القصصي المتحول؛ بل وظفت موضوعة الخيانة التي
له ،بعد الإهداء تبدأ القاصة في تسطير نصوصها
تعد من المسكوت عنه على لسان الابنة في محاكمة القصصية المتنوعة التي سأنتخب منها مجموعة
دنيوية صامتة ،فهي قد قوضت مفهوم سلطة الأسرة متنوعة مبنًى ومعنًى من أجل تحقيق هدف الدراسة
المرتبط بتعددية المعنى وتحولات المبنى في بنيتها
حينما جعلت من ثنائية الأب والأم تحت وصاية
التداعيات السردية التي سعت إلى إعادة تشكيل السردية.
العلاقة الجسدية والروحية لهذه الثنائية ،بعي ًدا عن في نصها الأول الموسوم «دورق أخضر فارغ» نلحظ
الأدران الدنيوية حسب وصف الفيلسوف اليوناني أن المتن الحكائي ارتبط بالأب المخدوع في غيابه من
«أرسطو» لماهية المأساة ،وهنا يتحقق المبنى والمعنى قبل زوجته الخائنة ،إلا أن القاصة وظفت في المبنى
الحكائي المرتبط بمعمارية القص معاد ًل جماليًّا للزوج
الجمالي لنصها «دورق أخضر فارغ».
وقد شهدت المتون الاستهلالية في المجموعة لجوء المخدوع هو الدورق الأخضر ،والدورق الأخضر
القاصة إلى توظيف الرؤية التخيلية أو الافتراضية أو هنا قد اشتغل على نسقين متنافرين مع الشخصية؛
الواقعية عبر توظيفها لمفردات مثل «رأيته» و»رأيتني»
و»أراني» في تموقع متنوع للسارد في بنية الأحداث،