Page 121 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 121

‫نون النسوة ‪1 1 9‬‬                                        ‫(تطهير) النفس من دنس الجسد‪ ،‬من نفس المنظور‪،‬‬
                                                         ‫إذا اعتبرنا أن النفس التي ارتدت ثوب الجسد هى‬
  ‫النفسي من البداية يكون تاب ًعا (لمبدأ اللذة)‪ ،‬إلا أن‬      ‫مبدأ الأفعال؛ يمكننا بلغة بالغة التفصيل اعتبار‬
   ‫(الانتباه الحاسم) الذي يتجه مباشرة للموضوع‬            ‫الجسد «المقابل الضدي للروح»(‪)4‬؛ فمسألة الجسد‬
‫عندما يستدل على واقعية الهلوسات الخاصة بطرق‬               ‫التي تحتل موق ًعا متمي ًزا في الكتابات الأدبية؛ من‬
                                                         ‫أكثر آليات إدراك الواقع ومحاولة فهم أبعاده‪ ،‬لأنه‬
                   ‫الإشباع ُيضاف إليه (الذاكرة)‪.‬‬            ‫يضم الروح أو ًل‪ ،‬وتصدر عنه تصرفات تحمل‬
‫وفي قصة «تاج العنقاء» يتج َّل (الجسد الافتراضي)‬           ‫في طياتها كثير من الدلالات التي نعتبرها منتو ًجا‬
                                                        ‫اجتماعيًّا كجسد ثقافي رمزي ثانيًا‪ ،‬إذ تمارس عليه‬
     ‫حيث يقوم بطل القصة بسلوكيات لا يمكن أن‬               ‫ُسلطات المجتمع والعائلة والفرد نفسه؛ لذلك جاء‬
     ‫تتم في الحقيقة منها «يمتطي حصان الإسكندر‬                ‫الجسد في قصص المجموعة بوضعيات «تلائم‬
‫الأكبر‪ /‬يرتدي زى القيصر‪ /‬يتباهى أمام وصيفات‬                  ‫كل ما أجبر عليه أو تمرد»(‪)5‬؛ ففي قصة «لغو‬
     ‫كليوباترا بقوته‪ /‬بقلم كوبيا يرسم أسفل أنفه‬             ‫العصافير» تقول الشخصية الرئيسية‪« :‬أصحو‬
 ‫شارب هتلر»‪ ،‬إلا أنه «ما من تجربة في الحلم يمكن‬          ‫على زقزقات‪ ،‬نقرات على شفتي‪ ،‬كأنها تمنحني كل‬
     ‫تصورها إلا وقد كان لها أصولها الأولية التي‬           ‫القبل‪ ،‬التي حرمت من تعاطيها مع رجال كثيرين‬
   ‫عبرت بها إلى عقولنا بصورة ما أثناء اليقظة»(‪،)6‬‬           ‫م ُّروا بحياتي‪ ،‬لكني لم أرتح لثقل أجسادهم أو‬
  ‫ُهنا يصبح الإنسان قاد ًرا على إحداث تعديلات في‬                            ‫خفتها‪ ،‬برودتها أو رعونتها»‪.‬‬
  ‫العالم الخارجي‪ ،‬فنفس البطل في نفس القصة «في‬            ‫بينما يتج َّل (الجسد الح ِّسي الخاضع للمراقبة) في‬
   ‫حجرته الضيقة‪ ،‬يمتطي العنقاء‪ ،‬يحاول ضربها‪،‬‬              ‫قصة «قلب موشوم على قدم» عندما تقول الكاتبة‬
 ‫تتنمر لتفترسه»‪ ،‬وبنا ًء عليه يتم استبدال ميكانيزم‬         ‫على لسان البطل‪« :‬كيف تملكين جس ًدا يحمل كل‬
   ‫(الكبت) بميكانيزم (ال ُحكم)‪ ،‬وكأن (مبدأ الواقع)‬      ‫هذة الوقاحة‪ ،‬أتوه فيه يا سيدتي‪ ،‬فهو دائ ًما منفلت‬
  ‫نابع في أساسه من (مبدأ اللذة)‪ ،‬وكأن (الرغبات)‬             ‫الشهوة‪ ،‬لا يعرف حد الاكتفاء»‪ ،‬وقصة «أفراح‬
‫ما هى إلا ذكريات في الروح‪ ،‬ذلك أن ال ُحلم «محاولة‬        ‫الغابة»‪ ،‬عندما تقول البطلة التي لم تهتم بحواديت‬
    ‫لإيجاد حل لصراعات الحياة؛ إذ أننا في أحلامنا‬              ‫جدتها عن الغول الذي سيأكلها‪« :‬أصحو على‬
                                                            ‫صوت أمي توقظني لموعد المدرسة‪ ،‬أخفي يدي‬
       ‫نكون في آن واحد كل إنسان وكل شىء»(‪.)7‬‬               ‫وهى تضم جنيه البيه الذي أعطاه لي في الحلم»‪،‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬اللغة ال ُحلمية وثنائية (الشكل‪/‬‬                ‫بينما تقدم لنا الكاتبة (العلاقات ذات التأثير الجارح‬
                ‫المعنى)‬                                  ‫والتي من خلالها تعاني الذات) في قصة «متلازمة‬
                                                         ‫البطاطس»؛ فتقول البطلة‪« :‬أحرص أن تحظى أمي‬
      ‫على افتراض أن (الأحلام) رسائل موجهة إلى‬             ‫بالفرجة على مصير مؤلم صنعته بيدي‪ ،‬تتحسر‪،‬‬
     ‫(الذات) بلُغة مجازية تختلف عن اللغة المحكية؛‬         ‫أذكرها بضربات نقشتها على جسدي لمجرد أنني‬
     ‫اعتمدت الكاتبة على (اللاشعور الجمعي) الذي‬                ‫لم أعرف كيف أجعل القشرة المنزوعة رفيعة‬
   ‫يتألف من رواسب متخلفة عن خبرات الآخرين؛‬                ‫ج ًّدا»‪ ،‬وفي قصة «طعام الفقراء» تقول الشخصية‬
     ‫فكانت الصور التي لا تظهر إلا من خلال اللغة‬         ‫الرئيسية‪« :‬أراني دائ ًما‪ ،‬أبكي ضياع جزمتي‪ ،‬أبحث‬
    ‫والتي تستقر في المتن الذي رسمته الكاتبة‪ ،‬ذلك‬            ‫عن لجنة الامتحان‪ ،‬نسيت رقم الجلوس‪ ،‬ضاع‬
                                                            ‫قلمي»‪ ،‬وفي قصة «كرامات المحبة» تقول البطلة‬
       ‫المتن المتعلق بالخطاب‪ ،‬هي الوسيط في عملية‬           ‫عن أبيها‪« :‬غاضب أنت يا أبي حتى في أحلامي‪/‬‬
    ‫(الانتباه الحاسم) للمضمون ال ُحلمي في (إعادة‬            ‫لم تكن الابتسامة تعرف طري ًقا لوجهك‪ /‬تعتقد‬
   ‫التمثل)‪ ،‬و(التمثل) يعني إعادة إنتاج (الموضوع)‬            ‫أن الصرامة تصنع الرجال»‪ .‬الأحلام المؤلمة ُهنا‬
‫مع تعيين محددات غيابه‪ ،‬كما أن (اللغة الحلمية) في‬        ‫سببها (الرغبات المازوخية) إذا افترضنا أن (اللذة)‬
 ‫المجموعة محل القراءة‪ ،‬تتشكل من (رموز) تسمى‬             ‫ترتبط بالنقصان‪ ،‬فض ًل عن النزعة للشبع؛ فالجهاز‬
 ‫الأصوات يمكننا تذوقها من خلال (الشكل ‪)Form‬‬

      ‫و(المعنى ‪ ،)Meaning‬فنجد أن القصة وحدة‬
   ‫صوتية تمثل مجموعة من الأصوات المفردة التي‬
‫تتألف من صوت طليق واحد‪ ،‬وصوت حبيس واحد‬
‫أو أكثر‪ ،‬مثلما فعلت في قصة «هواجس» عندما قالت‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126