Page 123 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 123
نون النسوة 1 2 1
«يخلعون عمائمهم التي تلونت بالأسود ،يلفونها
حول رقبتي ،يتأكدون من إحكامها حول كل ذرة في
جسدي ،كأنها كفني ،يلقون بي من أعلى ،يلتقطني
ملاك السحاب»؛ مسألة الجسد ُتعبر ُهنا عن
(الهوية) ومحتواها الوجداني المجتمعي باعتباره
محاو ًرا للآخر ومعب ًرا عن (التوحد) مع العالم،
وطرح الاختلاف عبر التحول من حالة إلى أخر َّى،
ولأن «تقلص الرقابة المجتمعية ُيسهل تسرب
الرغبات التي ُكبتت أثناء اليقظة»()10؛ تقول الكاتبة
في قصة «بقعة دم فاسدة»« :أراني باستمرار
أسراب من بقع الدم تسعى خلفي /يفوز الحلم في
طرحي أر ًضا ،أسقط على ظهري ،أياد كثيرة تدب
أصابعها في رحمي ،تخرج الدماء حارة ،وألم دائم
يسكن أعماقي» ،كما أن (صمت الجسد) وصمت
(الآخر) في قصة «الصامت كجريمة» ساهم في
تحويل (الصراع) من وضع (النفي) إلى إنتاج
المعرفة ،والقدرة على (التعايش) مع الهواجس
والإنصات للاختلافات بعي ًدا عن التصورات
المغلوطة بحضور دالها (الباراناوي) ،والجرأة
على تحديد مقومات (الجسد /الذات) ودفعه إلى
اكتشاف منابع أخرى لفداحة الغياب ،وعتمة
الذاكرة بعي ًدا عن جلبة (الآخر) خاصة عندما تقول
البطلة« :لم أنت صامت كجريمة مكتملة الأركان؟
بأى ذنب أمعنت القتل في قلبي وصلبت روحي،
وقطعت جسدي من خلاف؟» ولأن (المواد ال ُحلمية)
نتاج العلاقات المجتمعية؛ استطاعت الكاتبة استثمار
حضور (الآخر) في المتخيل بالتوحد معه وإبراز
سوء التفاهم؛ حتى تستقر في ذهن المتلقي تساؤلات
عدة عن رغبة هذا (الآخر) في الهيمنة والتعامل مع
الجسد كهامش ،وهل هو (آخر) متورط بالضرورة
في فعل كشف (الذات)؟ أم أن له هوامشه؟ اتضح
ذلك في قصة «شال أحمر يحمل خطيئة» عندما
قالت البطلة لصديقتها العاهرة« :عارفة أحسن
ممثلة تقمصت دور العاهرة وعجبتني ،مديحة
يسري في فيلم الاعتراف ،في لقطة واحدة صامتة
عبرت عن كل حاجة /دا تمثيل ،هما نجمات في
السما واحنا بننداس بالجزم» ،ف ُغربة (الأنا) ُتعد
داف ًعا قو ًّيا للتعبير عن (الذات) وصراعاتها بمدلول
(رمزي) يشير إلى (الوجدان الجمعي) من خلال
المضامين المعاصرة.