Page 128 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 128

‫العـدد ‪27‬‬  ‫‪126‬‬

                                                    ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

     ‫(دكان من الخشب‪ ،‬يستعمل الكوز الألومنيوم‬                                  ‫جدي السلطان العظيم‪.‬‬
                                 ‫لغسيل الشعر)‬        ‫يسخر منه أهل الحارة‪ ،‬الذين يعطفون عليه أحيا ًنا‪،‬‬

‫تشتري فيفي طلاء الأظافر والرومل‪ ،‬أحمر الخدود‬             ‫بصحن طبيخ وعيش سخن‪ :‬والسلطان العظيم‬
  ‫والشفاه من «حنكر» الذي يستورد أدوات مكياج‬                                              ‫خول زيك؟‬
   ‫منتهية الصلاحية من لبنان‪ ،‬معروف أنه «بتاع»‬
      ‫نسوان‪ ،‬توصم كل امرأة تدخل دكانه المغطى‬         ‫لا يمنحونه فرصة الرد‪ ،‬يخطفون الرغيف من يده‪:‬‬
       ‫بـ»تانده» تخفي ما يحدث داخله‪ ،‬من تعجبه‬                   ‫قوم بأه ورينا رقصة السلطان الخول‪.‬‬

‫وترضى يعطيها ما تريد‪ ،‬مقابل حصوله على حضن‬                ‫يقوم منكس ًرا‪ ،‬يرقص كما العوالم‪ ،‬قد يتمادى‬
                      ‫أو بوسة‪ ،‬أو أكثر من ذلك‪.‬‬          ‫التهكم‪ ،‬فتظهر بدلة رقص‪ ،‬تمتد بها يد إحداهن‬
                                                    ‫تلبسها له‪ ،‬لا يمانع‪ ،‬يبدأ في التقصع والتثني‪ ،‬يهرب‬
  ‫ضرب أبي ابنة عمه رسمية التي تسكن في حارة‬              ‫سري ًعا إذا لمح عم علي قاد ًما‪ ،‬يخاف عصاه التي‬
  ‫الكسفريتي‪ .‬اشترت قلم شفاه أحمر‪ ،‬أهدته لأمي‪،‬‬
 ‫كسره أبي‪ ،‬رماه من الشباك‪ ،‬حلف على أمي طلاق‬                                    ‫يضربه بها بلا رحمة‪.‬‬
  ‫تلاتة ألا تضع أي زينة طوال حياتها‪ ،‬وقد فعلت‪.‬‬        ‫يحتمي خلف غنية أم ناصر‪ ،‬تكف الأذي عنه‪ ،‬هى‬
                                                    ‫سره‪ ،‬الحنون التي لا تخذله أب ًدا‪ ،‬رغم طوله الفارع‬
    ‫بيت فيفي جميل‪ ،‬تضع ستارة بيضاء منقوشة‬           ‫وضخامة جسده‪ ،‬يجلس بجانبها كطفل يتيم‪ ،‬تتهدل‬
     ‫على شباكها‪ ،‬هذه الستارة هى سبب المصائب‪،‬‬
 ‫يستنكر أهل الحارة إخفاء ما يدور ولا يستطيعون‬                        ‫أثداؤه الكبيرة‪ ،‬يبكي في حضنها‪.‬‬
  ‫رؤيته‪ ،‬لماذا لا تفعل مثلهم؟ هم لا يغلقون أبوابهم‬     ‫يشهق بحرقة‪ :‬وأنا يا خالتي ذنبي إيه؟ والمرسي‬
                                                       ‫ابو العباس وسيدي «الأباصيري» (البوصيري)‬
                                   ‫أوشبابيكهم‪.‬‬        ‫باحاول أتوب بس موش نافع‪ ،‬كأنها دودة بتاكل‬
    ‫فيفي تبيع دهب أمها‪ ،‬تستنزف دخلها الشهري‬
                                                                             ‫طيزي والعيال جامدين‪.‬‬
        ‫من تأجير عشر غرف‪ ،‬هى كل ما تبقى في‬               ‫تضحك غنية‪ :‬معلش يا بيظة ربنا يتوب عليك‪.‬‬
  ‫حوشها‪ ،‬لتحصل على الصنادل الدبابة‪ ،‬بنطلونات‬           ‫لا نعرف أين يعيش بيظة‪ ،‬ولا مصدر رزقه‪ ،‬غير‬
                                                          ‫الطبلة التي لا تفارقه‪ ،‬ورقصه الخليع‪ ،‬بسببه‬
     ‫الشارلستون‪ ،‬تدخل السينما في محطة الرمل‪،‬‬           ‫تشتعل الخناقات بين أم علي جميلة‪ ،‬التي تبصق‬
   ‫تدفع تكاليف المكياج والشعر‪ ،‬يشتمونها بالفجر‬          ‫عليه كلما رأته‪ ،‬يهرب‪ ،‬يترك غنية تخوض حر ًبا‬
  ‫والوساخة‪ ،‬وأن الستارة ما هى إلا إخفاء للرجال‬          ‫تنتهي بالتلقيح على فيفي‪ :‬اللي بيته من قزاز ما‬
  ‫الذين تصطادهم‪ ،‬رغم أن ذلك مستحيل‪ ،‬فالأم لا‬
  ‫تترك البيت أب ًدا‪ ،‬ونساء الحارة يجلسن في مداخل‬                             ‫يحدفش الناس بالطوب‪.‬‬
   ‫البيوت‪ ،‬يعددن أنفاس الداخل والخارج‪ ،‬تبكي أم‬
 ‫علي وتتوعدها بعقاب أخيها إبراهيم‪ ،‬المسافر للعمل‬                     ‫فيفي‬
 ‫في ليبيا‪ ،‬تتحسرعلى ابنها الكبير علي‪ ،‬الذي مات في‬
    ‫النكسة‪ ،‬لو كان موجو ًدا «لقطم رقبتها»‪ ،‬لكن لا‬   ‫تصرخ أم علي العجوز‪ ،‬من عينيها المكحلة‪ ،‬يبدو أنها‬
                                                      ‫كانت جميلة‪ ،‬رغم نحافة جسمها وانحناء ظهرها‪،‬‬
           ‫شيء يردع فيفي عن أفعالها المستهجنة‬                         ‫عديمة الحيلة أمام أفعال ابنتها‪.‬‬
                                                       ‫فيفي في الخامسة والعشرين من العمر‪ ،‬ضخمة‪،‬‬
   ‫* سخمطة كلمة مصرية قديمة‪ ،‬جاءت من اسم‬                ‫واسعة العينين‪ ،‬تغير لون شعرها كل شهرعند‬
  ‫الإلهة سخمت «أنثي الأسد القوية»‪ ،‬سميت أحيا ًنا‬          ‫عادل الكوافير البدائي في عزبة رجب الطويل‪.‬‬

                   ‫«ربة الثدي والشعر المنسدل»‪.‬‬
   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133