Page 130 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 130

‫العـدد ‪27‬‬                          ‫‪128‬‬

                                  ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

                                         ‫مروة نبيل‬

‫َح ْول ال ُم ْع ِجَزة الُيو َنانَّية‬

  ‫تضرب في السياسة والجغرافيا‬       ‫العدم‪ .‬لكن وجهات النظر الثلاث‬        ‫نحن بصدد تفنيد (نظرية)‪،‬‬
‫والتاريخ‪ ،‬تثبت ‪-‬ومن دون ريب‪-‬‬          ‫تختلف فيما بينها في العرض‬
                                                                     ‫وثلاث وجهات نظر فيها‪ .‬النظرية‬
     ‫أن حضارة الإغريق حضارة‬          ‫والحجاج؛ فوجهة نظر الدكتور‬        ‫هي «المعجزة اليونانية» ‪Greek‬‬
‫(تلفيقية)‪ ،‬وعزز تلفيقاتها فلاسفة‬       ‫«حسن طلب» التي قدمها في‬          ‫‪Miracl‬؛ وتعني أن «الحضارة‬
                                                                          ‫اليونانية» ‪-‬و»الفلسفة» منها‬
    ‫الغرب على مر العصور‪ ،‬وهم‬         ‫رسالة «أصل الفلسفة»‪ ،‬والتى‬          ‫خاصة‪ -‬نتاج خالص لعبقرية‬
  ‫فعلوا ذلك متعمدين أن يتجاهلوا‬    ‫اكتملت في أوائل الثمانينيات‪ ،‬قبل‬       ‫اليونان‪ ،‬لا يمكن رده إلى أي‬
                                                                       ‫أصول تسبقه‪ ،‬لا سيما الأصول‬
     ‫ما لهذه الحضارة من جذور‬          ‫أن تصدر في عام ‪2017‬؛ هي‬                 ‫الشرقية‪ ..‬وهذه النظرية‬
‫أفروآسيوية‪ ..‬وقبل أن ُيصدر كل‬         ‫وجهة نظر عقلانية ُمنضبطة‪،‬‬         ‫تسود الأوساط الأكاديمية‪ ،‬بل‬
                                  ‫جاءت في إطار أكاديمي وتنظيري‪،‬‬            ‫تكتسحها؛ ذلك بعد أن ر َّوج‬
  ‫من «طلب» و»بيرنال» كتابيهما؛‬                                          ‫لها مؤرخو الفلسفة في الغرب‪،‬‬
    ‫كان المؤرخ الأمريكي «جورج‬           ‫وأوضحت إمكانية الشك في‬         ‫واختزلوا كل هذا التراث ليخدم‬
     ‫جي إم جيمس» ‪George G.‬‬         ‫«المعجزة»‪ ،‬ودلائل الإعجاز فيها‪،‬‬    ‫قومياتهم ونزعاتهم؛ لتصير تلك‬
                                                                         ‫الفلسفة ذات الأصل اليوناني‪،‬‬
  ‫‪ M. James‬قد انتهي من كتابة‬         ‫وذلك على نحو غير مسبوق في‬            ‫جذ ًرا وأص ًل لما نعرفه اليوم‬
      ‫«التراث المسروق»‪ ،‬والذي‬         ‫منطقة الثقافة العربية‪ .‬في تلك‬       ‫باسم «الفلسفة الغربية»‪ .‬أما‬
                                                                            ‫وجهات النظر الثلاث التي‬
   ‫صدر بدوره في القاهرة؛ فمثَّل‬         ‫الأثناء كان الباحث والمؤرخ‬     ‫سنعرض لها فإنها تثبت تهافت‬
   ‫صدمة أخرى كبيرة للباحثين؛‬      ‫الأمريكي «مارتن بيرنال» ‪Martin‬‬
  ‫هدمت معها العديد من المسلمات‬                                       ‫نظرية «المعجزة اليونانية»‪ ،‬وتؤمن‬
     ‫المغروسة عم ًدا للسيطرة على‬    ‫‪ )2013 -1937( Bernal‬يضع‬             ‫بأن الفكر اليوناني ‪-‬مثله مثل‬
    ‫الشعوب السوداء‪ ،‬وطمس ما‬        ‫اللمسات الأخيره لبحثه الضخم‪،‬‬        ‫أي شيء‪ -‬لا يمكن أن يأتي من‬
  ‫لها من ثقافة وتاريخ؛ إذ تحدث‬       ‫والذي صدرت ترجمته العربية‬
 ‫«جيمس» ‪-‬صراحة‪ -‬عن جريم ِة‬          ‫في القاهرة عام ‪ 2002‬ميلادية‪،‬‬
                                  ‫في مجلدين يحملان عنوان «أثينة‬
     ‫َسطو مكتملة‪ ،‬مسرحها كان‬
 ‫مكتبة الإسكندرية‪ ،‬ومنفذها كان‬        ‫السوداء»؛ مشي ًرا بالسواد في‬
                                  ‫عنوانه إلى أعماق سحيقة متشعبة‪،‬‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135