Page 133 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 133

‫‪131‬‬              ‫تجديد الخطاب‬

‫جورج جي إم جيمس‬  ‫حسن طلب‬                           ‫مارتن بيرنال‬           ‫مصر‪ ،‬وخرج التطور الخلقي‬
                                                                             ‫خارج المعابد‪ ،‬وخرج معه‬
    ‫في «ثيوفراطس»‪ ،‬و»أرسطو»‪،‬‬      ‫روسيا إلى آسيا الصغرى وأيونيا‪،‬‬
     ‫وامتد هذا التيار حتى وقتنا‬       ‫وانحدروا من حياة الزراعيين‬           ‫المذهب الديني شديد التعقيد‬
                      ‫الحاضر‪.‬‬                                                 ‫المعروف «بنظام الأسرار‬
                                   ‫متأثرين بطبيعة الشعب الصيني‬
  ‫تؤكد الكثير من المخطوطات أن‬     ‫البدائي‪ .‬وهم في رحلة تطورهم لم‬            ‫المصرية»‪ ،‬ذلك النظام الذي‬
‫«طاليس» ‪-‬أول فلاسفة اليونان‪-‬‬      ‫يضاهوا المصريين أناقة تفكيرهم‪،‬‬          ‫ظل سر ًّيا لقرون طويلة‪ ،‬قبل‬
                                                                           ‫أن يسمح المصريون بدخول‬
       ‫قد بدأ التفكير النظري بعد‬    ‫ولا تماسك نظامهم الاجتماعي‪،‬‬         ‫اليونانيين إلى بلادهم في القرن‬
‫زيارته إلى مصر‪ ،‬وتأثر بالحقائق‬       ‫لكنهم وجدوا طريقهم إلى مدن‬           ‫السادس ق‪.‬م‪ .‬وفي عام ‪548‬‬
                                   ‫طيبة وبابليون‪ ،‬فانبهروا وتأثروا‬
     ‫الهندسية التي تعلمها هناك‪،‬‬   ‫وقلدوا‪ ،‬ووقعت العقلية الإغريقية‬            ‫ق‪.‬م تمت إعادة بناء معبد‬
‫كذلك تأثر كل من «انكسيمانس»‪،‬‬        ‫تحت تأثير المصريين خاصة في‬              ‫«دلفي» المحترق في اليونان‬
                                   ‫البناء‪ ،‬والأهرامات كانت بالنسبة‬
     ‫و»انكسيمندريس» بالتعاليم‬         ‫إليهم إغرا ًء حرك أخيلتهم‪ ،‬أما‬          ‫بتوصية من أحمس ملك‬
  ‫المصرية؛ لكنهم توسعا بمفهوم‬                                             ‫مصر‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت اعتاد‬
                                       ‫ما تعلموه من البابليين فكان‬       ‫اليونانيون النظر إلى هذا المعبد‬
      ‫«المادة الأولى» التي وصفها‬      ‫الحساب لا البناء‪ ..‬هناك تيار‬      ‫كمؤسسة (أجنبية)‪ ،‬فض ًل عن‬
      ‫المصريون لتفسير الظواهر‬          ‫يوناني يقر بفضل المصريين‬
    ‫الفيزيائية‪ .‬و»انكسيمندريس»‬       ‫على اليونانيين‪ ،‬وأن العلم الذي‬         ‫أن هذا المعبد ُخصصت فيه‬
      ‫هو من نصح «فيثاغورس»‬         ‫تلقوه من المصريين كان سببا في‬            ‫شعبة لتتبع «نظام الأسرار‬
      ‫بزيارة مصر‪ ،‬وأن ما أخذه‬        ‫شعورهم بالتميز عن البرابرة‪،‬‬       ‫المصرية»‪ .‬في ذلك الوقت اشتهر‬
  ‫«فيثاغورس» عن المصريين من‬            ‫و»هيرودوت» على رأس ذلك‬         ‫كل من «الأيونيون» و»الكاريون»‬
     ‫مبادىء هو بالتحديد ما يعد‬         ‫التيار‪ .‬وفي المقابل هناك تيار‬      ‫بالسطو والقرصنة؛ مما دفع‬
   ‫دعامة أساسية للفكر اليوناني‬    ‫يقلص كثي ًرا من دور مصر‪ ،‬تمثل‬           ‫بالحكومة المصرية إلى وضع‬
  ‫بأسره‪ ،‬كما يذهب مؤلف كتاب‬                                           ‫قوانين صارمة تحد من هجرتهم‬
‫«التراث المسروق»‪ ،‬ويوضح أي ًضا‬                                            ‫إلى مدن مصر‪ ،‬إلى أن الجيش‬
                                                                          ‫المصري اضطر لاستخدامهم‬
                                                                       ‫كمرتزقة أثناء حربه مع الفرس‪،‬‬
                                                                         ‫فسمح لهم «أحمس» بالدخول‬
                                                                          ‫والاستقرار في مصر‪ ،‬وسمح‬
                                                                       ‫للطلاب بالدخول في شكل بعثات‬
                                                                      ‫علمية لتلقي العلوم المصرية‪ ،‬ومن‬
                                                                       ‫خلال هذه الأحداث والاتصالات‬
                                                                          ‫نشأ عصر التنوير الإغريقي‪،‬‬
                                                                           ‫وبدأ التفكير في كتابة تاريخ‬
                                                                          ‫نثري جديد لليونان؛ ذلك بعد‬
                                                                       ‫أن تخلصوا من قبضة الأساطير‬

                                                                                           ‫وأوهامها‪.‬‬
                                                                           ‫يذهب «جورج سارتون» في‬
                                                                            ‫كتابه «تاريخ العلم» إلى أن‬
                                                                        ‫أصل «الإغريق» يعود إلى أقوام‬
                                                                         ‫من البرابرة‪ ،‬نزحوا من جنوب‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138