Page 138 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 138

‫العـدد ‪27‬‬                                                                                                                        ‫‪136‬‬

                                        ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

‫«كان يعتمر بعمامة خرقت المعتاد‬             ‫ِمع ْنل َىهاالَثَأ َ ْرل َثةضَأ‪ْ ،‬ذبرأعك‪،‬ما َفمإِذا َسأ َعرةخاتْلهك ّم‬                                                        ‫السوق فقط‪ ،‬بل كان كذلك بغرض‬
‫لم أر في مشارق الأرض ومغاربها‬            ‫ا ْل َوا ِح َدة ِم ْن ُه َّن غطى رجل َها‪ ،‬وبلغ‬                                                                                       ‫التنزه والترويح عن أنفسهن‬
 ‫عمامة أعظم منها‪ .‬رأيته قاع ًدا في‬      ‫ِبِوممهَّقمامنصيَرف ِ ْووفصق َهَذهفالاِ‪َ ،‬ككه َذذواَلِتحاتَّكلش»قىب(‪2‬هم)لي‪.‬من َيسصْباأءقلاا ْل ْفَمقاَر َِأدِه ْةرَر َإِةه َّلم‬       ‫موأتبزنيانئاه ٍتن‪،‬مفتبخررجْاج ٍَنت‪.‬للشوارع‬
                                                                                                                                                                            ‫بل وزاد ول ُع النساء بالموضة‬
 ‫صدر محراب وقد كادت عمامته‬                 ‫وقد كان غطاء الرأس من أكثر‬                                                                                                             ‫والأزياء في هذا العصر‪،‬‬
            ‫أن تملأ المحراب»(‪.)3‬‬          ‫الألبسة التي ابتكرت واستحدث‬                                                                                                         ‫وخصو ًصا من نساء الطبقة‬
                                                                                                                                                                               ‫الحاكمة والأثرياء‪ ،‬واللاتي‬
        ‫كما ارتدت النساء كذلك‬                 ‫فيها نساء هذا العصر‪ ،‬فمن‬
      ‫«البرقع»‪ ،‬والذي كان يغطي‬                ‫الطلسان ‪-‬وهو غطاء يغطي‬                                                                                                        ‫استحد ْث َن الكثير من الموضات‪،‬‬
     ‫الوجه بالكامل تار ًكا فتحتين‬             ‫الكتف‪ ،‬ويتدلى على الجبهة؛‬                                                                                                       ‫وقلد ُه َّن في ذلك العام ُة‪ ،‬وإن‬
 ‫للعين‪ ،‬وكان غالبًا ما يتم ارتداؤه‬             ‫ليغطي نصف الوجه‪ ،-‬إلى‬
  ‫في حلقات الوعظ الديني‪ ،‬وكذلك‬              ‫الطراطير بشكلها القرطاسي‪،‬‬                                                                                                      ‫كانت أثوا ُب العامة من الخامات‬
‫الاحتفال بالأفراح‪ ،‬غير أن البرقع‬            ‫والعصائب أو العمامات‪ ،‬وقد‬                                                                                                      ‫رخيصة الثمن التي تناسبت مع‬
  ‫كذلك كان يتم تزيينه بالجواهر‬          ‫ُمنعت النساء من ارتداء الطراطير‬                                                                                                   ‫حالت ِه َّن الاقتصادية‪ ،‬وقد اختلفت‬
      ‫والأحجار الكريمة‪ ،‬وفي عام‬             ‫والعمامات؛ للمبالغة في تزينها‬                                                                                                ‫أشكال أثوابهن‪ ،‬بين أثواب طويلة‬
      ‫‪ 1340‬أهدى السلطان نساء‬            ‫بالجواهر وخصو ًصا بين الطبقات‬                                                                                                      ‫تصل إلى عظمة القدم‪ ،‬وتختلف‬
    ‫عرب آل مهنا وآل فضل وآل‬                 ‫الثرية‪ ،‬كما يقول ابن حجر أن‬
    ‫مرا النقاب المزركش‪ ،‬وهذا لا‬             ‫ثمن عصابة زوجة الأمير بلغا‬                                                                                                          ‫موديلاتها وألوانها حسب‬
  ‫يعني أن هذا العصر كان يشهد‬               ‫البحباوي قد بلغ خمسين ألف‬                                                                                                        ‫رغبات النساء‪ ،‬إلى قمصان لها‬
     ‫انحلا ًل وتر ًكا للدين من قبل‬      ‫دينار‪ .‬كما ارتدت النساء الطواقي‬
 ‫الطبقة الحاكمة أو كل الأثرياء في‬           ‫الجركسية‪ ،‬وكانت عبارة عن‬                                                                                                          ‫أكمام قصيرة ولكنها واسعة‬
   ‫المجتمع‪ ،‬بل إن عصر السلطان‬               ‫عمامات محشوة بالورق يبلغ‬                                                                                                        ‫ج ًّدا بغرض إظهار ما تزين من‬
   ‫الناصر قلاوون قد شهد كذلك‬                 ‫طولها ثلثي ذراع‪ ،‬ولكن كما‬
‫ثراء دينيًّا‪ ،‬فتبارى الأمراء في بناء‬     ‫ُمنعت النساء من ارتداء العمامات‬                                                                                                      ‫حلي‪ ،‬وقمصان بالغة الطول‪،‬‬
                                          ‫القصيرة بأمر من نقيب الجيش‬                                                                                                         ‫وقد يصل طولها لأمتار يكفي‬
                ‫المساجد‪ ،‬وزادت‬               ‫ابن أبي الفرج عن السلطان؛‬                                                                                                    ‫عمل الواحد منها لثلاثة قمصان‪.‬‬
                    ‫حلقات العلم‬           ‫ُمنعت كذلك من ارتداء الطواقي‬
                                          ‫في عام ‪1327‬م؛ لأن فيها تشب ًها‬                                                                                                      ‫يصف المقريزي تلك الموضة‬
                ‫والوعظ والتعليم‬                                                                                                                                          ‫قائ ًل‪« :‬ن َساء ال ُّس ْل َطان وجواريهن‬
                  ‫الديني‪ ،‬بل إن‬                                ‫بالرجال‪.‬‬                                                                                                  ‫أحدثن قمصا ًنا ط َوا ًل تخب أذيالها‬
                                               ‫ويجب الإشارة هنا إلى أن‬
                ‫المقريزي يخبرنا‬          ‫الولع بارتداء الثمين من الملابس‬
                   ‫بأن السلطان‬           ‫والمبالغة في الاهتمام بالمظهر كان‬
                                           ‫يخص النساء دون الرجال‪ ،‬بل‬
                ‫الناصر قلاوون‬              ‫صنعت كذلك للرجال العمامات‬
                 ‫كان ُيعرف عنه‬                 ‫الثمينة لعدد من السلاطين‬
             ‫البساطة في الملبس‪،‬‬             ‫والأثرياء وحتى رجال الدين‪،‬‬
                ‫و ُبعد الخمر عن‬          ‫يذكر لنا ابن بطوطه انبهاره عند‬
                                          ‫رؤية عمامة قاضي الإسكندرية‬
                       ‫مجلسه‪.‬‬           ‫عماد الدين الكندي قاضي فيقول‪:‬‬
                  ‫كما أن النساء‬
                 ‫لم يهم ْل َن تزيين‬
                ‫أجسادهن‪ ،‬حيث‬
              ‫ُك َّن يذه ْب َن للحمام؛‬
             ‫لتقوم إحدى النساء‬
          ‫المختصات بذلك بإزالة‬
            ‫الشعر من أجسادهن‬
              ‫ووجوههن‪ ،‬ورسم‬
   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143