Page 143 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 143

‫حول العالم ‪1 4 1‬‬

 ‫الاقتصادية‪ ،‬وهو ما نشهده‬                     ‫للفضاء بفلوريدا‪.‬‬         ‫القديمة نجد آلهة القمر مثل‬
                                        ‫ومن الجدير بالذكر أ َّن‬           ‫سيليني‪ ،‬وفوبي‪ ،‬وديانا‬
‫منذ الحرب الباردة إلى وقتنا‬            ‫المركبة الحقيقة قد حملت‬           ‫وغيرهم‪ .‬وبالطبع لم يكن‬
                                        ‫ثلاثة أشخاص‪ ،‬وهو ما‬
   ‫هذا‪ ،‬حيث جاء على لسان‬           ‫تخيَّ َل ُه جول فيرن‪ .‬ومما يزيد‬     ‫الأدب بمنأى عن هذا العالم‪،‬‬
                                    ‫من الدهشة‪ ،‬أ َّن رحلة نادي‬         ‫بل ُق ِّدمت العديد من الأعمال‬
   ‫أحد أعضاء نادي السلاح‬            ‫السلاح قد اِستغرقت أربعة‬           ‫التي تسبر أغوار ذلك العالم‬
                                        ‫أيام للوصول إلى القمر‪،‬‬
‫عقب انتهاء الحرب الفيدرالية‬        ‫وبالفعل اِستغرقت رحلة نيل‬                 ‫الغامض‪ ،‬ولاعجب أن‬
 ‫«شي ٌء ُمحزن ح ًّقا‪ ،‬لا شيء‬          ‫أرمسترونغ قرابة الأربعة‬         ‫تتصدر رواية من الأرض إلى‬
   ‫نفعله ولا حلم نتطلَّع إليه‪،‬‬       ‫أيام‪ .‬كما تابع مدير مرصد‬          ‫القمر للكاتب الفرنسي جول‬
                                    ‫كامبردج مركبة جول فيرن‬
    ‫أي َن ِمنَّا و ِمن فراغنا ذلك‬   ‫من خلال تلسكوب متطور‪،‬‬                ‫فيرن طليعة هذه الأعمال‪.‬‬
   ‫أصوات القذائف والبنادق‬             ‫وهو ما حدث بالفعل‪ .‬وفي‬             ‫وإننا إذ نتناول رواية من‬
                                       ‫السياق ذاته‪ ،‬تو ّل مركز‬             ‫الأرض إلى القمر‪ ،‬فنحن‬
   ‫التي كانت تثلج قلوبنا؟!»‪.‬‬          ‫هيوستن الفضائي بولاية‬             ‫بصدد الرواية التي سبقت‬
                                       ‫تكساس مهمة الإشراف‬
 ‫ويتع َّمق الكاتب أكثر مشي ًرا‬       ‫على رحلة أبوللو‪ ،11 -‬وفي‬              ‫العلم و تنبَّأ من خلالها‬
 ‫بين ثنايا السطور إلى سباق‬          ‫الرواية سنقرأ كيف جاهدت‬           ‫الكاتب جول فيرن بالصعود‬
‫التسلُّح والتنافس الأمريكي‪-‬‬         ‫تكساس حتى الرمق الأخير‬
                                       ‫إلى نيل شرف اِستضافة‬              ‫إلى القمر قبل مئة عام من‬
     ‫الأوروبي‪ ،‬وهو ما ظهر‬            ‫الكولومبيد أو الكولومبياد‪.‬‬             ‫رحلة نيل أرمسترونغ‬
 ‫لاح ًقا عندما أوشكت الحرب‬         ‫وعلى الرغم مما أسلفنا ذكره‪،‬‬
                                    ‫والذي لا يجعل مجا ًل للشك‬         ‫المعروفة بـ»رحلة أبوللو‪»11-‬‬
   ‫العالمية الثانية على ال ُأفول‬      ‫حول عبقرية جول فيرن‪،‬‬                 ‫عام ‪ ،1969‬ولع ّل المثير‬
                                       ‫َبي َد أ َّن عبقري َته تجاوزت‬
 ‫وأذنت حقبة الحرب الباردة‬           ‫الحدود العلمية إلى الجوانب‬           ‫للدهشة هو مدى التقارب‬
                                        ‫الاجتماعية والسياسية‪،‬‬           ‫بين التفاصيل التي تخيّلها‬
              ‫على السطوع‪.‬‬             ‫فقد اِستطاع الكاتب بنفاذ‬          ‫جول فيرن والحقائق التي‬
 ‫و ِمن نافل القول‪ ،‬أ ّننا بصدد‬       ‫بصيرته وقدرته التحليلية‪،‬‬             ‫تو َّصل إليها العلم لاح ًقا‪.‬‬
                                                                       ‫وعلى سبيل المثال من ذلك‪،‬‬
       ‫عمل من روائع الأدب‬                  ‫أ ْن يتنبَّأ بأ َّن الشعب‬
 ‫العالمي‪ ،‬س َّطر ُه روائ ٌّي خالد‬  ‫الأمريكي سيكون الأسبق في‬               ‫كان ارتفاع مركبة جول‬
                                                                          ‫فيرن خمسة عشر قد ًما‪،‬‬
   ‫ال ِذكر‪ ،‬لم ُيطلق خياله على‬        ‫الصعود إلى القمر‪ ،‬مسل ًطا‬         ‫وقطرها تسعة أقدام‪ ،‬بينما‬
‫عوا ِهنِ ِه‪ ،‬وإنما درس الجوانب‬     ‫الضوء على الطبيعة الأمريكية‬           ‫كان ارتفاع «أبوللو‪»11 -‬‬
                                                                       ‫عشر أقدام وسبع بوصات‪،‬‬
 ‫العلمية دراسة وافية دقيقة‪،‬‬            ‫التي لا تتو َّرع في إشعال‬         ‫وبلغ قطرها اِثنتي عشرة‬
  ‫فكانت أعماله سبّاقة ملأ ِت‬          ‫الحروب من أجل المكاسب‬
                                                                             ‫قد ًما وعشر بوصات‪.‬‬
       ‫الدنيا وشغلت الناس‪.‬‬                                                 ‫بالإضافة إلى ذلك‪ ،‬اتخذ‬
                                                                      ‫جول فيرن من ولاية فلوريدا‬
  ‫وأخي ًرا‪ ،‬إلى أصحاب الآمال‬                                                ‫موق ًعا لإطلاق المركبة‪،‬‬
       ‫العظيمة‪ ،‬والطموحات‬                                                ‫وبالفعل ت ّم إطلاق المركبة‬
                                                                          ‫أبوللو من مركز كينيدي‬
  ‫الكبيرة‪ ،‬ذوي الهمم العالية‬

‫الذين يمشون واثقي الخطى‪،‬‬

   ‫لا يتهيَّبون صعود الجبال‬
      ‫نضع بين أيديكم هذه‬

   ‫الرواية التي كانت نبرا ًسا‬
 ‫للإنسان كي ينفذ من أقطار‬

         ‫السموات والأرض‪.‬‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148