Page 140 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 140

‫العـدد ‪27‬‬                           ‫‪138‬‬

                                          ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

   ‫مصد ًرا للاحتفال والتزيين إلى‬          ‫القاهرة في عهد المماليك‬
    ‫يشبه «المأتم»‪ ،‬وهو ما أسماه‬
   ‫الكاتب بلقاسم الطبابي «الموت‬               ‫الفقيرات اللاتي لم يكن لهن‬          ‫عددها الآلاف تكدست جثثهم‬
‫الرمزي» في كتابه «الموت في مصر‬            ‫عائل‪ ،‬وقد تم منعن من الخروج‬           ‫في الشوارع‪ ،‬فقد وصل عددهم‬
    ‫والشام‪ :‬الجزء الأول‪ :‬النكبات‬            ‫إلى الشارع بأمر من السلطان‪،‬‬          ‫لـ‪ 900‬ألف في القاهرة وحدها‬
    ‫ديموغرافية في العهد المملوكي‬          ‫إذ كان رأي عدد من رجال الدين‬            ‫على مدى شهرين‪ ،‬في حين أن‬
  ‫(‪ .)2014( »)1250:1517‬يكتب‬               ‫أن اختلاط النساء وتبرج ُه َّن كان‬      ‫دراسات أخرى تفترض أن ما‬
‫الطبابي‪« :‬أقبل عيد الأضحى فكان‬
 ‫(أشبه بالمأتم) لما َط َر َق الخل َق من‬      ‫سببًا في نزول البلاء بالبلاد‪،‬‬         ‫خلَّ َفه الطاعون في ذلك الوقت‬
 ‫الحزن والكآبة‪ ،‬و ُتص ِّو ُر المصاد ُر‬         ‫ومن جهة أخرى تزايد بين‬               ‫بـ‪ 450‬ألف تقدي ًرا مع عدد‬
     ‫الأجوا َء النفسي َة التي سادت‬                                            ‫سكانها في ذلك الوقت‪ ،‬والعدد هنا‬
 ‫السلطنة خلال الطاعون العام‪ ،‬إذ‬           ‫النساء أنفسهن ‪-‬وحتى الثريات‬         ‫لا ُي َقلِّ ُل من هول الفاجعة وتأثيرها‬
 ‫كانت أشبه بأجواء الرحيل‪ ،‬الذي‬                ‫منهن‪ -‬توج ًها عا ًّما للالتزام‬   ‫علي سكان المدينة‪( .‬الطبابي‪ ،‬ص‬
‫لا لقاء بعده‪ .‬فالاستعدادات حثيثة‬
    ‫من ِقبل الجميع لمغادرة الدنيا‬         ‫بالمنازل‪ ،‬وتر ْك َن مظاهر البهرجة‬                             ‫‪.)XV‬‬
   ‫الزائفة‪ ،‬وتشمل الجمي َع موج ٌة‬         ‫والشهوانية المفرطة؛ لإحساس ِه َّن‬         ‫َت َف َّشى الغلاء ليحصد الموت‬
    ‫عاتي ٌة من (التقوى)‪ ،‬والإقبال‬          ‫بنهاية الحياة‪ ،‬فهجرت الأسواق‬          ‫أروا ًحا كان أكثرها من النساء‬
  ‫على العبادة والتوبة‪ ،‬والانصياع‬
  ‫لتعاليم الشريعة‪ ،‬ليس الطاعون‬                 ‫وتحولت الأعياد التي كانت‬

         ‫قصا ًصا إلهيًّا عاد ًل»(‪.)6‬‬
‫في هذه الصفحات القليلة حاولت‬

    ‫أن أتناول باختصار تأثير كل‬
 ‫من الرخاء الاقتصادي والكوارث‬
  ‫التي شهدها المجتمع المصري في‬
‫العصر المملوكي‪ ،‬وخصو ًصا فترة‬
 ‫حكم السلطان الناصر وما تلاها‪،‬‬
‫على شكل التدين وتحول توجهات‬

      ‫النساء من الثريات والعامة‬
       ‫بالنسبة لمظهر ِه َّن وزينت ِه َّن‬

                                                                   ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المُسماة رحلة ابن بطوطة‪ ،‬الجزء الأول‪ ،‬على كتب جوجل ‪ 19‬يناير‪ 2020‬على‬
                                                                                          ‫موقع واي باك مشين‪ ،‬ص‪.55‬‬

     ‫‪ -2‬المقريزي‪ .‬تقي الدين أحمد بن علي‪ .‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ .‬ج ‪ .1‬تحقيق محمد زيادة‪ .‬مطبعة لجنة التأليف والترجمة‪.‬‬
                                                                                            ‫القاهرة‪ ،1941،1970 .‬ص‪.11‬‬
                                                                                                  ‫‪ -3‬ابن بطوطة ص‪.41‬‬

  ‫‪ -4‬ابن الحاج‪ ،‬أبو عبد الله بن العبدري‪ ،‬المدخل إلى الشرع الشريف على المذاهب‪ ،‬ج ‪ .2‬دار الكتاب العربي‪ .‬بيروت‪ .‬ط ‪.1948 ،2‬‬
                                                                                               ‫‪ -5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.56‬‬

    ‫‪ -6‬الطبابي‪ ،‬بلقاسم‪ ،‬الموت في مصر والشام‪ .‬الجزء الأول‪ ،‬النكبات الديمغرافية في العهد المملوكي ‪ .1517 –1250‬تونس‪ .‬الدار‬
                                                                                        ‫التونسية للكتاب ‪ ،2014‬ص‪.191‬‬
   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145