Page 137 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 137
135 تجديد الخطاب
الأفراد فيه .إذ تميز المصريون ُيذكر ،إلا أنها ستبدأ في التغ ُّير الذي ُع ِر َف «بالفناء الكبير»
بالإقبال على الحياة والمبالغة تدريجيًّا مع دخول ثقافات مختلفة في العصر المملوكي (: 1250
في إقامة الاحتفالات .فأقاموا بمعتقدات وطقوس يومية مختلفة، ،)1517وخصو ًصا في عصر
الاحتفالات في شتى المناسبات بداي ًة من الاحتلال اليوناني في السلطان الناصر قلاوون
التي تمر بها البلاد مهما كانت عام ( 333ق.م) ،حتى هيمنة وآله ،إذ عرفت مصر في عهده
بسيطة .يصف لنا الرحالة المغربي ازدها ًرا في كل مجالات الحياة،
ابن بطوطه مث ًل احتفال المصريين الثقافة الغربية اليوم بفعل تحققت على أثره فترة طويلة من
بشفاء السلطان قلاوون والذي «العولمة». الرخاء الاقتصادي والاستقرار
تعلق به العامة تعل ًقا كبيًرا فيقول: السياسي ،قبل أن يصل الطاعون
«أهل مصر ذوو طرب وسرور وسيختلف اهتمام المرأة المصرية مصر من شواطئ الإسكندرية
ولهو ،شاهد ُت بها مرة ُفرجة بالأزياء والمظهر الخارجي حسب عام 1348م ،حاص ًدا مئات الآلاف
بسبب َب َرء الملك الناصر من كس ٍر من الأرواح ،وتار ًكا أث ًرا قو ًّيا في
أصاب يده ،فز َّين ك ُّل أهل سوق (الحالة الاقتصادية ،والظروف الحياة الاجتماعية المصرية لقرون
سو َقهم ،وعلَّقوا بحوانيتهم ال ُح َل َل الاجتماعية ،وتوجهات الحكام)،
وال ُحلي وثياب الحرير ،وبقوا على لتمر المرأة بفترات من المبالغة في لاحقة.
ذلك أيا ًما»( .)1وقد اكتظت الأسواق التزيين ،وأخرى من الاختيار أو
تلك الفترة بالرجال والنساء ،بل الإجبار على التخلي عن البهرجة المرأة المصرية بين
إن عدد النساء كان يفوق عدد الدين والتازل ُّيعانمفي المجال
الرجال في بعض الأحيان ،ولم ولبس الخشن من الثياب،
يكن وجود النساء في الأسواق وحجبها في المجال العام ،كما كان للدين وجود قوي في وعي
بغرض الشراء والبيع والعمل في حدث في عصر السلطان الناصر المصري القديم وممارساته
قلاوون ( 684هـ1284 /م-
أسواق مصر 741هـ1341 /م) ،وأبنائه من اليومية ،فقد ق َّد َس المصريون
في عهد المماليك بعده ،والتي استمرت لقرن من الكثير من الآلهة من (النباتات،
والحيوانات ،والبشر ،والأجرام
الزمان. السماوية) ،وظهر هذا حتى في
استطاع السلطان
الناصر قلاوون ارتدائهم للملابس وأساليب
زينتهم ،ف ُز ِّي َن ِت الملابس على
أن يحقق فترة أجسادهم وعلى رؤوسهم برموز
من الرخاء مختلفة؛ مثل :ريش النعام كرمز
الاقتصادي لتكريم الإله أوزوريس إله البعث
والحساب ،وكذلك قرون الكبش
بفضل ما أقامه التي ترمز لتكريم الإله خنوم
من العلاقات إله الحياة والخصوبة ،كما أن
عادة استخدام الكحل بين كل
التجارية القوية من الرجال والنساء لم تكن فقط
بين الشرق لتجميل العيون ،بل ولحماية
وأوروبا، أنفسهم من الشر ،وتكريم الإله
واهتم كذلك حتحور إله السماء والجمال
بـ(الزراعة، والسعادة والخصوبة ،وارتبطت
والصناعة، كذلك عند المصريين بالحماية من
والمعمار، الحسد ،ورغم أن طقوس الملابس
والتعليم، ستبقى على مدى أكثر من ثلاثة
والحياة آلاف من الأعوام دون تغيير قوي
الدينية)،
فانعكس ذلك
على المجتمع
وسلوك