Page 145 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 145

‫حول العالم ‪1 4 3‬‬

                   ‫قلوبنا؟!‬          ‫الصغيرة‪ ،‬وإنما شعروا‬          ‫تصيب أحد المشاة العزل‬
     ‫رد «بيلسبي» الذي فقد‬          ‫بالفخر عندما كانت أعداد‬           ‫فتشطره نصفين‪ .‬وفي‬
    ‫إحدى ذراعيه قائ ًل‪« :‬لقد‬        ‫الضحايا عشرة أضعاف‬
   ‫ولت تلك الأيام»‪ ،‬ح ًّقا‪ ،‬كم‬                                 ‫الواقع‪ ،‬كان لهذه الاختراعات‬
 ‫كانت تلك الأيام ممتعة‪ ،‬كان‬              ‫القذائف المستهلكة‪.‬‬    ‫أن جعلت الأسلحة الأوروبية‬
 ‫الناس يتسابقون في تصنيع‬          ‫في أحد الأيام الكئيبة ‪-‬التي‬
‫السلاح‪ ،‬وتجربته أمام العدو‪،‬‬                                         ‫المحدودة دون المنافسة‪.‬‬
‫عائدين محملين بالتشجيعات‬             ‫خيم عليها الحزن‪ -‬و َّقع‬     ‫ومن الإنصاف أن نذكر أن‬
     ‫من شيرمان وماكيلان‪،‬‬           ‫الناجون من الحرب اتفاق‬       ‫هؤلاء اليانكيز الشجعان لم‬
  ‫لكن الآن عاد الجنرالات إلى‬    ‫السلام‪ ،‬ومن هنا توقف رعد‬          ‫يقتصر عملهم على الأمور‬
‫مكاتبهم‪ ،‬واستبدلوا قاذفاتهم‬         ‫البنادق‪ ،‬نزعت الأسلحة‪،‬‬
  ‫بتجارة القطن‪ .‬ح ًّقا‪ ،‬لم يعد‬                                      ‫النظرية وحسب‪ ،‬وإنما‬
    ‫هناك مستقبل للسلاح في‬            ‫وصمتت قذائف الهاون‬        ‫أغدقوا مبالغ باهظة من أجل‬
                                ‫والهاوتزر‪ .‬أخذت ثمار القطن‬       ‫اختراعاتهم‪ .‬كان من بينهم‬
                    ‫أمريكا‪.‬‬                                     ‫ضباط من جميع الرتب‪ ،‬من‬
       ‫عقب «ج‪.‬ت‪.‬ماستون»‬              ‫تتفتح في الحقول بشكل‬
  ‫المشهور بتصنيعه للمدافع‪،‬‬       ‫بهيج‪ ،‬يومذاك أُسدل الستار‬         ‫الملازمين إلى الجنرالات‪،‬‬
‫وهو يحك فروة رأسه بمفتاح‬         ‫على أتون الحرب الضروس‪،‬‬          ‫والجنود من جميع الأعمار‬
  ‫حديدي‪« :‬لا حرب تلوح في‬         ‫وترك الناس الحداد وثيابه‪،‬‬
   ‫الأفق»‪ ،‬لقد بذلت قصارى‬         ‫وبهذا أصبح نادي السلاح‬              ‫بداية من أولئك الذين‬
  ‫جهدي لي ًل ونها ًرا من أجل‬                                        ‫يتحسسون طريقهم في‬
   ‫أن أتوصل إلى مدفع يغير‬                     ‫طي النسيان‪.‬‬          ‫مجال السلاح إلى أولئك‬
  ‫موازين الحرب‪ ،‬ولكن الآن‬         ‫وبالرغم من انتهاء الحرب‪،‬‬       ‫ذوي الخبرة المصقلة‪ .‬كان‬
       ‫ماذا عساي أن أفعل»‪.‬‬       ‫إلا أن عد ًدا من أعضاء نادي‬       ‫العديد منهم ممن ذكرت‬
 ‫رد توم هانتر قائ ًل‪« :‬لا أظن‬   ‫السلاح‪ ،‬ظلت تراودهم أحلام‬       ‫أسماؤهم في سجل الشرف‬
     ‫أن هذا ممكن»‪ ،‬ثم تذكر‬                                          ‫لنادي السلاح‪ ،‬قد ظلوا‬
     ‫بشكل لا إرادي‪ ،‬اختراع‬           ‫المدافع والقاذفات‪ ،‬ظلوا‬        ‫في ساحة المعركة‪ ،‬حيث‬
  ‫سابق للسيد ماستون كان‬           ‫يقضون أوقاتهم منغمسين‬           ‫سجلوا الإنجازات بفضل‬
 ‫قد أودى عند أول تجربة له‬        ‫في التصميمات النظرية التي‬         ‫بسالتهم التي لا يختلف‬
 ‫بحياة نحو ثلاثمائة وسبعة‬         ‫لا ترى النور‪ ،‬فبعد أن كان‬     ‫عليها أحد‪ .‬فلا عجب أن تم‬
                                   ‫النادي يكتظ بالاجتماعات‬      ‫العثور على عكازات‪ ،‬وأرجل‬
           ‫وثلاثين شخ ًصا‪.‬‬       ‫والتحضيرات والتصميمات‪،‬‬         ‫خشبية‪ ،‬وأذرع اصطناعية‪،‬‬
   ‫رد ماستون‪« :‬ح ًّقا!‪ ،‬ولكن‬                                     ‫وخطافات فولاذية‪ ،‬وآلات‬
                                   ‫خيم ذلك السلام الكارثي‬            ‫الفك والربط المصنوعة‬
     ‫ما جدوى تلك النظريات‬            ‫الذي أودى بطموحاتهم‬          ‫من الكاوتشوك‪ ،‬وجماجم‬
     ‫والدراسات في ظل ذلك‬                            ‫الفتاكة‪.‬‬   ‫فضية‪ ،‬وأنوف بلاتينية‪ .‬فقد‬
 ‫السلام المحبط‪ ،‬إنها لمضيعة‬                                       ‫توصل الإحصائي العظيم‬
‫للوقت‪ ،‬يبدو أن العالم الجديد‬       ‫وذات ليلة جلس مجموعة‬            ‫بيتكيرن أنه من بين كل‬
‫قد جنح للسلم والتعايش‪ ،‬لقد‬       ‫من الأعضاء‪ ،‬تسيطر عليهم‬           ‫أربعة أشخاص لا يوجد‬
  ‫تنبأت صحيفتنا التريبيون‬        ‫حالة من اليأس‪ ،‬قام أحدهم‬         ‫ذراع كامل‪ ،‬ومن بين كل‬
     ‫بعدة كوارث ناجمة عن‬                                       ‫ستة لم َت ُج ْد الحرب بساقين‬
  ‫الزيادة السكانية الفادحة»‪.‬‬        ‫المدعو «توم هانتر» وأخذ‬          ‫سليمتين‪ .‬ومع ذلك لم‬
                                ‫يقلب بساقية الخشبيتين نار‬       ‫ينظر هؤلاء الشجعان بعين‬
                                                                   ‫الاعتبار إلى هذه الحقائق‬
                                  ‫المدفأة‪ ،‬قائ ًل‪ :‬شيء محزن‬
                                 ‫ح ًّقا‪ ،‬لا شيء نفعله ولا حلم‬

                                    ‫نتطلع إليه‪ ،‬أين منا ومن‬
                                 ‫فراغنا ذلك أصوات القذائف‬

                                    ‫والبنادق التي كانت تثلج‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150