Page 124 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 124

‫العـدد ‪27‬‬  ‫‪122‬‬

                                                     ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

  ‫ولأن قصص المجموعة لها (طابع درامي) يشير‬                            ‫خاتمة‬
      ‫إلى قدر عا ٍل من (الألم) مع إلقاء الضوء على‬
                                                        ‫على افتراض أن (اللاشعور) بمخزوناته المكدسه‬
‫الشخصية المحورية المسيطرة والشخصية المأزومة‬                ‫منذ الطفولة الأولى جنسية المحتوى والمشاعر‬
  ‫التي تعاني قسوة التقاليد والأعراف الاجتماعية؛‬
                                                         ‫الجامحة المشحونة بأنماط كثيرة من (الصراع)‬
‫فإما تكون (الذات) إيجابية تنزع إلى مواجهة المحنة‬     ‫« ُيعتبر أداة للهروب من الواقع القاسي انفعاليًّا»(‪)11‬؛‬
 ‫أو تتح َّل بالمثالية الزائفة من خلال التعايش‪ ،‬لذلك‬
                                                       ‫فقد شكلت (الأحلام) ملم ًحا جوهر ًّيا في المجموعة‬
     ‫برعت الكاتبة في استدعاء العواطف الكامنة في‬         ‫القصصية محل القراءة الحالية؛ كنتيجة منطقية‬
‫الضمير الفردي الرافض للضمير الجمعي‪ ،‬من أجل‬                 ‫لحالات (الإحباط) والشعور بضياع (الهوية)‬
                                                         ‫التي سيطرت على الشخصيات‪ ،‬فالكاتبة ارتدت‬
    ‫جمع عناصر لا منطقية في سياق ُحلمي لغوي‪.‬‬             ‫إلى الداخل تجتر (الأحلام) و ُتعبر عنها في شكل‬
‫وحتى لا تكون قصص المجموعة مجرد استنتاجات‬                 ‫قصص بهدف الهروب من الواقع أحيا ًنا كما في‬

   ‫(لا واعية) أو (إسقاطات) مجانية عن (التخييل)‬       ‫قصص «حصان أعمى»‪« ،‬كفوف ملتصقة»‪« ،‬فستان‬
  ‫و(عقد النقص)؛ حاولت الكاتبة «سعاد سليمان»‬              ‫زفاف أسود»‪ ،‬و»البحر حمضان»‪ ،‬أو مواجهته‬

     ‫اعتبار (الآخر) ُمطلق الهيمنة‪ ،‬يمكن محاورته‬       ‫كما في قصص «شال أحمر يحمل خطيئة»‪« ،‬وليمة‬
    ‫من خلال ثنائية (الجسد‪ /‬الآخر) والتأكيد على‬            ‫للثعابين»‪ ،‬و»تشابه»‪ ،‬أو التمرد عليه وتجاوزه‬
‫التحولات الفكرية عبر (الصراع) والصدام والعنف‬              ‫بهدف الخلاص في قصص «في وصف حرمان‬

      ‫كأننا بإزاء الشكل (العقلاني) لنزعة الهيمنة‬      ‫القطة»‪ ،‬وقصة «حفائر»‪ ،‬وقصة «القفز من أسفل»؛‬
    ‫التي تسعى لإعادة تأويل (الأحلام) باعتبارها‬            ‫فكان (الجسد) كمادة غير قابلة للاختزال دائم‬
   ‫لغة متوترة‪ ،‬لا يمكن حصرها في مجرد تأملات‬               ‫الحضور في قصص المجموعة كجانب مضيء‬
  ‫واعية؛ لنكتشف أن (ذات) الكاتبة ُهنا لا تقول في‬
  ‫مجموعتها القصصية فقط ماتفكر فيه‪ ،‬بل هى في‬          ‫يتحكم في تحويل (العنف) إلى حالة من (التعايش)‪،‬‬
                                                              ‫وكانت مواجهة (الآخر) من أجل معرفته‪.‬‬
                         ‫الواقع تعتقد فيما تقول‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬الكسندر بوربيلي (‪« ،)1986‬أسرار النوم»‪ ،‬تعريب‪ :‬شبيب بيضون‪ ،‬شركة المطبوعات الشرقية (دار المروج)‪،‬‬
                                                                                              ‫بيروت‪.‬‬

                            ‫‪ -2‬على الوردي (‪« ،)1994‬الأحلام بين العلم والعقيدة»‪ ،‬ط‪ ،2‬دار كوفان‪ ،‬لندن‪.‬‬
           ‫‪ -3‬فريد الزاهي (‪« ،)1999‬الجسد والصورة والمقدس في الإسلام»‪ ،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -4‬هشام العلوي (‪« ،)2004‬الجسد بين الشرق والغرب‪ :‬نماذج وتصورات»‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
      ‫‪ -5‬مازن مرسول محمد (‪« ،)2015‬حفريات في الجسد المقموع‪ :‬مقاربة سوسيولوجية ثقافية»‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬

                                                                                   ‫الاختلاف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
          ‫‪ -6‬علي كمال (‪« ،)1989‬أبواب العقل الموصدة (باب النوم وباب الأحلام)‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
     ‫‪ -7‬كارين هورني (‪« ،)1988‬صراعاتنا الباطنية»‪ ،‬تر‪:‬عبد الودود العلي‪ ،‬مراجعة‪ :‬حيدر المغارجي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬

                                                                         ‫الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪.‬‬
 ‫‪ -8‬ج‪.‬أ‪.‬هاد فيلد (د‪.‬ت)‪« ،‬الحلم والكابوس»‪ ،‬ترجمة‪ :‬صلاح الدين محمد لطفي‪ ،‬مراجعة‪ :‬عبد العزيز القوصي‪،‬‬

                                                                        ‫مكتبة الأنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
                   ‫‪ -9‬بيير بورديو (‪« ،)1988‬الأنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدغر»‪ ،‬منشورات مينوي‪.‬‬
    ‫‪ -10‬روجيه باستيد (‪« ،)1988‬السوسيولوجيا والتحليل النفسي»‪ ،‬ترجمة‪ :‬وجيه البعيني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الحداثة‬

                                                                               ‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
  ‫‪ -11‬نوري جعفر (‪« ،)1986‬طبيعة النوم والأحلام في ضوء علم الدماغ»‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪.‬‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129