Page 6 - مسيلة للدموع
P. 6

‫كان آسر شابا هادئا‪ ،‬بريء الطبع‪ ،‬ملامحه طفولية‪ ،‬وعيناه لامعتان تنطق بالحماس‪ ،‬عندما يضحك‬
                      ‫تصبح أضيق‪ ،‬حتى تكاد تختفي من وجهه‪ ،‬وتظهر كخطين منحنيين تكسوهما الرموش‪.‬‬

     ‫كانت ملامحه البريئة تشعرك بأنه أقرب للطفولة أكثر منه للشباب‪ ،‬ولولا لحيته الخفيفة التي تُدّلل قسمات‬
                                                                 ‫وجهه لظننت أنه أصغر من عمره بكثير‪.‬‬

     ‫كان رزينا‪ ،‬ورغم ذلك كان خفيف الظل‪ ،‬يستطيع أن ُيضحك أكثر الرجال وقا ار حتى يخرج عن وقاره‪،‬‬
      ‫لديه قدرة عجيبة على إضحاك الجميع أو جعلهم يتبسمون وينسون أح ازنهم لوهلة‪ ،‬وذلك أضعف الإيمان‪.‬‬
     ‫ورغم هدوئه الذي ما إن ت اره حتى يخَّيل إليك أن دمه أزرق اللون مائل للأبيض كماء البحر المتجمد‪ ،‬إلا‬

                                                                  ‫إَّنك ُمخطئ ألف مرة في ذلك الانطباع‪.‬‬
     ‫إن دمه بركاني‪ ،‬شديد الحماس والغضب إذا ما كانت تلك الغضبة لله‪ ،‬إنه شديد الغيرة على حرمات الله‪،‬‬
     ‫مشاغب‪ ،‬شديد الدفاع عن الحق حتى لو أن في ذلك هلاكه‪ ،‬وأي هلاك‪ ،‬إنه مستعد أن يتقطع جسده إربا‬

                                               ‫إربا ما دام ذلك دفاعا ع َّما يؤمن أنه الحق‪ ،‬وأنه يرضي الله‪.‬‬
                                                    ‫وكان يردد دوما «الخلود هو أن تفنى من أجل الحق»‪.‬‬

‫‪6‬‬

                                                                                           ‫مسيلة للدموع‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11