Page 9 - مسيلة للدموع
P. 9

‫لم تستوعب شيئا بعد‪ ،‬قالت بلهجة مهزوزة يظهر عليها التوتر جليا‪:‬‬
                                                         ‫‪ -‬إنني لم أفهم شيئا‪ ،‬إنكم تمزحون‪ ،‬أليس كذلك؟!‬

                                                                                            ‫قالت مروة‪:‬‬
     ‫‪ -‬يبدو أن ِك بطيئة الفهم بعض الشيء‪ ،‬الأمر بسيط‪ ،‬لقد جاء آسر ليطلب يد ِك من أبي ِك‪ ،‬ثم أمسكت يديها‬

                                                                                   ‫وهي تضحك‪ ،‬وقالت‪:‬‬
           ‫‪ -‬لقد جاءك الفارس على حصانه الأبيض ليحملك خلفه‪ ،‬وتذهبان بعيدا حيث الحب الخيالي البعيد‪.‬‬

                                          ‫ضحكت الأم‪ ،‬ودفعت حورية يدي أختها مروة في غضب‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                         ‫‪ -‬كفا ِك هذا الكلام الذي تحفظينه من الروايات التي تق أرينها‪ ،‬يا ل ِك من فتاة طائشة‪.‬‬

                         ‫وبعدما أدركت ما يحدث‪ ،‬ظل التوتر يعتريها‪ ،‬وظل صوتها مهزو از بوضوح‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                        ‫‪ -‬إنني أريته اليوم‪ ،‬ولم تظهر عليه أي علامة تدل على أنه معجب‪ ،‬يا له من أحمق‪.‬‬

                                                                                  ‫ضحكت مروة‪ ،‬وقالت‪:‬‬
     ‫‪ -‬انظري يا أمي‪ ،‬ابنتك المؤمنة المتدينة تغتاب الناس‪ ،‬وتسبهم في غيابهم‪ ،‬وأكاد أجزم أنها تحبه‪ ،‬وأنها‬
     ‫ستطير فرحا‪ ،‬ولكن تلك هي الطريقة التي يلجأ إليها ال ُم ِح ُب لكي يخفي حبه؛ حتى لا يظهر للجميع‪،‬‬
     ‫فيس ّب حبيبه‪ ،‬وينعته بكل الصفات المذمومة التي يقسم قلبه على عدم صحتها‪ ،‬وتقر روحه على‬

                                                                          ‫نقيضها‪ ..‬إن الح َب جنوٌن حقا!‬

                                                   ‫ضحكت أمها وهي تنظر بطرف ّي عينيها لحورية‪ ،‬وقالت‪:‬‬
                                            ‫‪ -‬ولكن العينين تبوحان بكل شيء‪ ،‬ولا تستطيع الخداع يا مروة‪.‬‬

                                    ‫صاحت حورية‪ ،‬وقد انعقد حاجبيها‪ ،‬واحمرت وجنتاها خجلا أكثر وأكثر‪:‬‬
                                                                                             ‫‪ -‬كفاكما‪.‬‬

                                                    ‫غادرت إلى غرفتها بسرعة‪ ،‬وتساءلت بعد تنهيدة تائهة‪:‬‬
                                                                                 ‫‪ -‬ما الذي يحدث حقا؟!‬

‫‪9‬‬

                                                                                           ‫مسيلة للدموع‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14