Page 12 - مسيلة للدموع
P. 12

‫بعدما أتى الجميع‪ ،‬بدأ عادل الحديث بلهجة ثائرة‪ ،‬والدم يفور من جسده كحال باقي رفاقه‪:‬‬
      ‫‪ -‬ماذا سنفعل يا رفاق الثورة؟ أ ُكِت َب علينا أن نعيش طوال حياتنا ثائرين‪ ،‬إننا ُخدعنا للمرة التي لا أذكر‬
      ‫عددها‪ ،‬إن العسكر أقسم أن يسرق حلمنا‪ ،‬واننا أقسمنا من قبل ألا نترك ثورتنا تضيع‪ ،‬وانه لقسم واحد لا‬

                                                                              ‫رجعة فيه‪ ،‬ماذا سنفعل إذن؟‬

                                                                                                 ‫رد كرم‪:‬‬
      ‫‪ -‬بالتأكيد لن ُنحضر ُفشا ار ونشاهد تلك المسرحية العبثية صامتين‪ ،‬ثم ما هذا العبث حقا؟ إذا ما أردنا أن‬

                      ‫نعترض لا بد أن نأخذ منهم إذنا أولا بأن اسمحوا لنا أن نعترض عليكم بعد إذن سيادتكم!‬

                                                                                              ‫قالت تالا‪:‬‬
      ‫‪ -‬هذا جنون‪ ،‬لا بد أن نشارك في كل الدعوات الثورية ال ارفضة لهذا القانون‪ ،‬لا بد أن نصب الغضب‬

                                                                                           ‫فوق رؤوسهم‪.‬‬

                 ‫قال عادل مخاطبا زوجته دينا التي طالما صاحبته في مساره الثوري‪ ،‬منذ ثورة يناير وما قبلها‪:‬‬
                                  ‫‪ -‬دينا أحضري الأو ارق والأقلام من المكتب‪ ،‬لا بد أن نتفق على بيان قوي‪.‬‬

      ‫وبعدما اتفقوا على صيغة بيان يعبر عن رفضهم لهذا القانون‪ ،‬ويعلن عن مشاركتهم في الفعاليات الثورية‬
      ‫ال ارفضة له‪ ،‬والنزول للتظاهر غدا في ميدان التحرير (مهد الثورة الأول)؛ لتجديد العهد معها‪ ،‬واخبارها أن‬
      ‫الجميع على العهد‪ ،‬حتى وان كانت تلك الثورة عصّية ُمدّلـلة‪ ،‬وحتى إن أ اردت مزيدا من الدماء‪ ،‬فلها ما‬

                                                                                                   ‫تريد‪.‬‬

      ‫وعندما هّم الجميع بالرحيل من منزل عادل ودينا‪ ،‬المنزل الثوري بامتياز الذي يحتوي الجميع في كل‬
                   ‫المناسبات الثورية‪ ،‬نادت دينا على صديقتها تالا نداء مترددا يبدو أنه جاء بعد تفكير طويل‪:‬‬
                                                 ‫‪ -‬تالا‪ ..‬انتظري معي قليلا‪ ،‬أريد التحدث مع ِك في أمر ما‪.‬‬

                                                ‫ردت تالا في لهجة مازحة محاولة كسر حالة الكآبة السائدة‪:‬‬
      ‫‪ -‬ألن نتقابل غدا في الميدان؟ أخبريني عما تودين قوله غدا‪ ،‬ستملين من رؤية وجهي كثي ار الفترة القادمة‪،‬‬

                                                                          ‫إن مغام ارتنا الثورية لم تبدأ بعد‪.‬‬

‫‪12‬‬

                                                                                            ‫مسيلة للدموع‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17