Page 132 - m
P. 132
العـدد 57 130
سبتمبر ٢٠٢3
الأسلوبية لتضم جميع عناصر العمل الأدبي الذي تفعيلات في كل شطر ،غناها الموسيقار الكبير محمد
يقدمه ،ليصل ذروته في ذلك إلى ربط المتضافرات عبد الوهاب بعد عشر سنوات من وفاة شاعرها،
فيه رب ًطا فنيًّا موحيًا ،منطل ًقا من الجانب الشعوري، وما زالت الأجيال ترددها حتى يومنا الحاضر.
ومما يلاحظ على الأبيات في التقديم أ َّنها ُكتبت على
ومجس ًدا في الوقت نفسه الحالة النفسية التي طريقة السطر الشعري الواحد وليس المنشطر،
هو عليها ،والتكرار يحقق للنص جانبين ،الأول: وتركت مساحة من البياض بين الأبيات الثلاثة
ويتمثل في الحالة الشعورية النفسية التي يضع من ال ُأول والبيتين الأخيرين ،وكثي ًرا ما يلجأ الشاعر
خلالها الشاعر نفسه المتلقي في جو مماثل لما هو إلى تحفيز قصائده بالمساحة الفراغية التي يتركها
عليه ،والثاني( :الفائدة الموسيقية) ،بحيث يحقق بين الجمل؛ أو المقاطع ،أو الأبيات على نحو يثير
التكرار إيقا ًعا موسيقيًّا جمي ًل ،ويجعل العبارة الفضاء البصري ،لأ َّن المساحة الفراغية تنطوي
قابلة للنمو والتطبيق ،وبهذا يحقق التكرار وظيفته على نزعة تأويلية تربط ما قبلها بما بعدها بقراءة
كإحدى الأدوات الجمالية التي تساعد الشاعر على
تشكيل موقفه وتصويره؛ لأن الصورة الشعرية اجتهادية ،تجعل من الفراغ هاج ًسا تحفيز ًّيا ،لإثارة
على أهميتها ليست العامل الوحيد في هذا التشكيل. ملكة التخيل لدى القارئ ،وتوثيق الصلات الدلالية
(مدحت الجيار ،الصورة الشعرية عند أبي القاسم
الشابي ،)47 ،والتكرار له القدرة على إعانة المتلقي بين الأجزاء النصية( .خلود ترمانيني ،الإيقاع
في الكشف عن القصد الذي يريد الشاعر أن يصل اللغوي في الشعر العربي الحديث .)216 ،فض ًل
إليه ،فالكلمات المكررة ،ربما لا تكون عام ًل مساه ًما عن إضافة إيقاع آخر للإيقاع الصوتي وهو الإيقاع
في إضفاء جو الرتابة على العمل الأدبي ،ولا يمكن البصري ،وما يثير الدهشة هنا هو أ َّن الشاعرة
أن تكون دلي ًل على ضعف الشاعرية عند الشاعر، أعادت تشكيل الأبيات بصر ًّيا على الرغم من أ َّن
بل إنها أداة من الأدوات التي يستعملها الشاعر
لتعين في إضاءة التجربة ،وإثرائها وتقديمها للمتلقي الأبيات تعود لقصيدة معروفة ،لكننا بالعودة
الذي يحاول الشاعر بكل الوسائل أن يحرك فيه للقصيدة بصورتها المغناة نجد أ َّن الموسيقار محمد
هاجس التفاعل مع تجربته ،إن حرص الشاعر عبد الوهاب تنقل بين مقام الحجاز في مطلعها إلى
على إحياء تجربته في نفوس المتلقين يجعله يتحرز مقام الرست ثم تحول إلى مقام البيات( .د.محروس
في اختيار الأسلوب الأكثر ملاءمة( .علي قاسم عامر ،قراءة وتعليق قصيدة وأغنية مضناك/22 ،
الخرابشة ،الإبداع وبنية القصيدة في شعر عبد الله
)2023 /7في الأبيات التي اختارتهن الشاعرة،
البردوني.)242 ، وقد تكون هي اختارت التنقل بين البياض والسواد
وإن من يطلع على نصوص المجموعة الشعرية قيد
الدرس ،يلحظ أن محاور التكرار عديدة ومتنوعة لتومئ إلى ذلك.
ومتداخلة في كثير من الأحيان ،وأبرز أنواع التكرار
مؤثرات التكرار في نصوص المجموعة
هي :تكرار الحروف والضمائر ،وتكرار الاسم،
والفعل ،والجملة والمقطع ،ولإبراز أثرها الجمالي في تنوعت نصوص المجموعة ما بين الشعر الحر
النص الشعري لا بد من الوقوف على كل نوع من والشعر العمودي ولم تلتزم الشاعرة ،شك ًل
شعر ًّيا واح ًدا ،وهذا يدلل على قدرتها الفنية العالية
أنواع التكرار بالتفصيل ،وهي كما يأتي:
تكرار شبه الجملة: وموهبتها الرصينة.
وأكثر ما يميز نصوص مجموعة (نص ُف احتمال
ورد هذا التكرار في النص الأ َّول من المجموعة بد ًءا
من العنوان حتى ختام النص ،إذ نجد شبه الجملة للفرح) لعب الشاعرة على تقنية (التكرار) وهي
تقنية مستعملة قدي ًما في الشعر العربي ،تعطي
من حرف الجر اللام والضمير المتصل المبني في دف ًقا موسيقيًّا للنص فض ًل عن الكشف عن جوانبه
محل جر بحرف الجر ،قد تكرر ذكرهما من العنوان الدلالية ،ذلك أ َّن الشاعر عن طريق تكرار بعض
الكلمات والحروف والمقاطع والجمل ،يمد روابطه