Page 129 - m
P. 129

‫نون النسوة ‪1 2 7‬‬                                         ‫كثير من الدراسات دراسة سيميائية العنوان‪ ،‬لأ َّنه‬
                                                        ‫الإشارة الأولى في علوية النص‪ ،‬والتي تجذب انتباه‬
 ‫وفي المجموعة الشعرية قيد الدراسة وهي مجموعة‬            ‫القارئ‪ ،‬فسعت هذه الدراسات إلى تتبع الأثر الدلالي‬
    ‫(نص ُف احتمال للفرح) للشاعرة المصرية عبير‬
    ‫زكي‪ ،‬نجد العنوان وهو بوابة الدخول الرئيسة‬                   ‫والسيميائي في عنوان المجموعات الشعرية‪.‬‬
          ‫لنصوص المجموعة‪ ،‬عنوا ًنا فيه كثير من‬          ‫لذلك نرى العنونة ظاهرة نقدية لها وجودها المكثف‬
                         ‫المغايرة والغرابة‪ ،‬إذ إ َّننا‬
                            ‫نعلم أ َّن الاحتمال هو‬        ‫في الدراسات السيميائية‪ ،‬وقد أظهرت معظم هذه‬
                            ‫قبول اللفظ لأكثر من‬           ‫الدراسات التي تعنى بالعنوان‪ ،‬الأهمية البالغة في‬
                              ‫معنى يتردد الذهن‬            ‫كون العنوان يمثل بوابة النص‪ ،‬وبحسب «جيرار‬
                                   ‫بينهما‪ ،‬بينما‬
                                 ‫تختار الشاعرة‬                ‫جينيت» فإن العنوان «مجموعة من العلامات‬
                                   ‫(نصف) ذلك‬                 ‫اللسانية التي يمكن أن توضع على رأس النص‬
                                                        ‫لتحدده‪ ،‬وتدل على محتواه لإغراء الجمهور المقصود‬
                                                         ‫بقراءته» (محمد بازي‪ ،‬العنوان في الثقافة العربية‪،‬‬

                                                                          ‫التشكيل ومسالك التأويل‪.)15 ،‬‬
                                                          ‫وقد و ِصف العنوان في دراسة النص الشعري من‬

                                                            ‫قبل النقاد‪ ،‬بأ َّنه (نص موا ٍز)‪ ،‬و(مفتاح جمالي)‪،‬‬
                                                         ‫و(عتبة نصية)‪ ،‬و(علامة سيميائية)‪ ،‬تقوم بوظيفة‬

                                                          ‫الاحتواء لمدلول النص‪ ،‬فهو يجذب القارئ ويؤثر‬
                                                             ‫في وعيه‪ ،‬ويستميله نحو تأويله وسبر أغواره‪،‬‬
                                                                ‫ويساهم في توضيح دلالاته‪ ،‬فيعيد إنتاجه‪،‬‬
                                                              ‫وقدرته على تكثيف واختزال الفكرة المحورية‬
                                                                   ‫فيه‪ ،‬لأن «الأختزال في العنوان ُيعبِّر عن‬
                                                              ‫الموضوع‪ ،‬ويجعله واح ًدا من جملة احتمالات‬
                                                                  ‫وقع عليها اختيار المبدع»‪( ،‬محمد مداس‪،‬‬
                                                                ‫لسانيات النص نحو منهج لتحليل الخطاب‬

                                                           ‫الشعري‪ .)54 ،‬فالشاعر يعبر عن طريق العنوان‬
                                                          ‫عن الوظيفة الأولية والجمالية والموضوع الرئيس‬

                                                            ‫للنص‪ .‬فالعنونة الشعرية مهمة لأنها تساعد في‬
                                                             ‫تفسير النص وتأويله‪ .‬ويمكن أن نحدد أهمية‬
                                                              ‫علاقة العنوان بالنص عن طريق عملية تأويل‬

                                                                                                ‫دلالاته‪.‬‬
                                                             ‫والعنوان ليس كباقي العتبات النصية الأخرى‬
                                                              ‫التي قد تخلو من قصدية الشاعر‪ ،‬مثل بعض‬
                                                           ‫الأغلفة التي تعتمد غالبًا على ذوق مصممي دور‬
                                                           ‫النشر التي تعنى بطباعة المجاميع الشعرية‪ ،‬إ َّنما‬
                                                         ‫يتقصده الشاعر تق ُّص ًدا مدرو ًسا سواء كان بهدف‬
                                                          ‫الترويج وجذب المتلقي لقراءة شعره وذلك عندما‬
                                                         ‫يكون عنوا ًنا لافتًا للنظر ليس له علاقة بالمضمون‪،‬‬
                                                        ‫أو كان عنوا ًنا دا ًّل على ما في المجموعة الشعرية من‬

                                                                  ‫موضوعات إذ يكون جز ًءا لا يتجزأ منها‪.‬‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134