Page 135 - m
P. 135

‫نون النسوة ‪1 3 3‬‬

                  ‫ونجمد خسائرنا‬                       ‫في مطلع القصائد على النحو التالي‪( :‬أنا أحبك‪ -‬أنا‬
‫ككرة من الثلج ُنسقطها من سفح جب ٍل‬                      ‫نغمة هاربة‪ -‬أنا صبأ ُت‪ -‬أنا ابن ُة الحب‪ -‬أنا‬
                                                            ‫العاقة‪ -‬أنا أ ُم البنات)‪ ،‬وأكدت هذا الإعلان‬
‫لتصغر في أعين الناظرين‬                                    ‫الصريح والمتكرر عن الذات مجموعة القصائد‬
                                                        ‫الأخرى التي اتخذت من (تاء الفاعل) مطل ًعا لها‪،‬‬
          ‫وتكبر داخلنا‪..‬‬
‫ونرتدي في أك ِّفنا المتشقق ِة‬                        ‫مشيرة من خلالها إلى فاعلية هذه الذات عبر رحلتها‬
                                                     ‫الممتدة المتعددة الأدوار المتنوعة الاستجابات (قرر ُت‬
‫ُمر ّفهين‬         ‫قفازات مخملية‬
                                                           ‫اليوم‪ -‬وقف ُت أغني‪ -‬لس ُت با ًبا‪ -‬قرر ُت أن‬
           ‫البملط ِّوولُحا ٍبتالزاسئلفا ًةم‬  ‫فيظننا‬    ‫أتبرع‪ -‬قرر ُت الصعود‪ -‬سأتخيلُها موسيقى‪-‬‬
                                             ‫وندعي‬     ‫راهن ُت على الشعر‪ -‬ظلل ُت أغل ُق ك َّل باب)‪ ،‬هذه‬
                                                        ‫الرحلة التي تمر فيها بالتعرف على نقاط ضعفها‬
‫حين نتحدث عن الموت كصديق حميم‬
‫حتى ُيمهلنا وق ًتا أطول نتجر ُع فيه فراق‬                  ‫التي تمتلكها المُ ْع َلنة في ياء (الملكية) (قلبي هذا‬
                  ‫الأحبة‪..‬‬                             ‫الوغ ُد الماكر‪ -‬ظلي تمر َد بعدما م َّل انكساراتي)‪،‬‬
                                                      ‫لتتوصل إلى ذاتها الحقيقية التي عرفتها عبر رحلة‬
‫ونوهم الآخرين أننا مثاليون‬                             ‫التكشف والاكتشاف‪ ،‬والتي تستطيع أن تحاورها‬

‫نتحمل صفعاتهم بصدر رحب ونعفو‪..‬‬                                ‫وتهديها (إل َّي حين عرف ُت أني الحقيقة)‪.‬‬
                                                           ‫في هذه المرحلة الفارقة من المعرفة والتكشف‬
‫ونغني للواقفين في الطوابير‬
‫حتى لا يم ُّلوا الانتظار‪..‬‬                                      ‫والتوصل‪ ،‬تخطو خطوة أخرى بإمكانها‬
                                                     ‫واستطاعتها من خلالها أن تصل إلى قد ٍر من ال َت َف ُّهم‬
‫نحن أيها الرب أبناؤك الطيبون (ص‪)22‬‬                   ‫الصوفي المتسامح مع هذه الوجوه الزائفة‪ ،‬وإنسانية‬
                                                     ‫الشعراء التي تخفف ثقل أرواحنا (فنحن بأرواحنا‬
‫نحن جمي ًعا أبناؤك الطيبون أيها الرب نحتاج‬
‫(إنسانية) ُتحيي ما تصدح به الحناجر من أقوال‬                       ‫الثقيلة‪ -‬دون شع ٍر‪ -‬بالكاد نحيا)‪.‬‬
‫تناقضها الأفعال في مفارقات واضحة وصارخة‪:‬‬               ‫حينما نصل إلى هذه المرحلة من التفهم والتصالح‬
                                                      ‫مع الذات عبر الرحلة الممتدة لاكتشافها عبر صور‬
‫هذا الصباح قرر ُت أن أتبر َع بحنجرتي لأول‬             ‫الآخر المتعددة وتمثيلاته المتنوعة‪ ،‬سيظهر الضمير‬
                  ‫عابر سبيل‪..‬‬                        ‫الجمعي ممث ًل في الضمير (نحن) ظهو ًرا تتحد فيه‬
                                                       ‫الذات مع الآخر في مواجهة معترك يضمهما م ًعا‪:‬‬
‫رمقني بنظرة مستنكرة‪ :‬مالي وحنجرتك؟!‬
‫خانتني الحرو ُف جمي ُعها حين أجاب‪:‬‬                                   ‫نحن أيها الرب أبناؤك الطيبون‬
‫‪ -‬لدينا من الحنجرات ما يكفي للاحتفاء‬                                 ‫أبناؤك الذين يرتدون كل صبا ٍح‬

                  ‫بقصائدكم‪..‬‬                                                         ‫وجو ًها مختلف ًة‬
                                                                                  ‫ويلقونك في المساء‬
‫لماذا لا يمنحنا الشعرا ُء إنسانيتهم؟! (ص‪)52‬‬                         ‫بوجو ِههم التي تعرفها‪( .‬ص‪)22‬‬
‫لقد كانت رحلة اكتشاف الذات رحلة مضنية مليئة‬                 ‫هنا يظهر الضمير (نحن) الذي يجمع الذات‬
                                                           ‫والآخرين في اتحادهم في سلوك يواجهون به‬
‫بعقبات الآخر وعراقيله التي تطلبت التعامل معها‬         ‫الحياة‪ ،‬جمي ًعا نرتدي وجو ًها مختلفة زائفة نراوغ‬
                                                           ‫ونتحايل بها‪ ،‬أو صلبة جامدة تحمي هشاشة‬
‫تارة ومسايرتها والتجاوب معها تارة‪ ،‬والتمرد‬                         ‫أرواحنا أو باسمة تخفي انكساراتنا‪:‬‬
                                                                   ‫نحتال على الحياة بابتسام ٍة طيبة‬
‫عليها تارة أخرى‪ ،‬إنها رحلة اكتشاف وتحقق واعية‬                               ‫لأننا لا نحب الانكسارات‬

‫بأدواتها فيها‪ ،‬ويمكن وعيها في قدرتها على جعل‬

‫هذه الدائرة تتوقف ولا تستمر (فهي أم البنات‬

‫التي ستدعهن يطلقن لأحلامهن العنان دون‬

‫خوف أو استسلام‪ )..‬هذا من ناحية وفي امتلاكها‬

‫القدرة على الالتحام مع الجمعي وتفهمه ل ُتفضي‬
‫هذه الرحلة من الذات في فرديتها وخصوصيتها إلى‬

‫الجمعي في شموليته وتجريده‪ ،‬إن كل تحقق فردي‬

‫يتمسك الفرد به ويقتنص فرصه هو لبنة في سبيل‬

                  ‫تحقق إنساني جمعي‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140