Page 130 - m
P. 130

‫العـدد ‪58‬‬          ‫‪128‬‬

                                                          ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬  ‫د‪.‬سحر محمد فتحي‬

                 ‫اكتشاف الذات‬

             ‫عبر تمثيلات الآخر‪..‬‬

        ‫«تما ًما كما أفعل الآن»‬
‫ديوان للشاعرة سناء مصطفى‬

  ‫إلى الآخرين دلالة استصغارهم وعدم الاعتداد أو‬            ‫يبدأ الديوان من الذات وينتهي بها؛ فإليها الإهداء‬
   ‫الاعتناء بهم؛ إنهم الزيف والخديعة الكبرى التي‬
                                                             ‫وبها الإعجاب في رحلة تكشفها وإيمانها بنفسها‬
     ‫تتكشف فتبقى الحقيقة؛ تبقى الذات وتتحقق‪:‬‬                ‫وإنسانيتها وصمودها ومقاومتها الزيف وتعريته‬
                                         ‫إهداء‪:‬‬
                                                              ‫وتعاليها عليه‪ ،‬الذات في مفتتح الديوان حاضرة‬
                   ‫إل َّي حين عرف ُت أني الحقيق ُة‬         ‫بقوة في مواجهة الجميع‪ ،‬تكتسب قوتها لا من قوة‬
                       ‫وأنكم الخديعة الكبرى‪،‬‬                ‫المقابلة بين (الحقيقة والخديعة) فقط‪ ،‬ولا من قوة‬
                      ‫فرفع ُت رأسي وابتسمت‪.‬‬               ‫المفردتين على ما تحملهما من دلالات معنوية كبرى‪،‬‬
                                                           ‫وإنما تكتسب (الذات) حضورها القوي المؤكد عبر‬
   ‫إن نهاية الديوان هي الحقيقة التي توصلت إليها‬
       ‫(الذات) عبر رحلتها‪ ،‬وهي المُ َش ِّكلة والمُ َكونة‬       ‫حضورها اللغوي المتمثل في توظيف الضمائر‪،‬‬
                                                           ‫فالضمائر التي تعود على الذات في قصيدة الإهداء‬
   ‫والدافعة للإهداء في بدايته‪ .‬لقد تعددت تمثيلات‬          ‫ستة ضمائر موزعة في كلمات‪( :‬إل َّي‪ /‬عرف ُت‪ /‬أني‪/‬‬
‫الآخر على مدار صفحات الديوان من أوسع وأشمل‬
 ‫تمثيل حيث المجتمع بأكمله إلى أضيق تمثيل ممكن‬                ‫فرفع ُت‪ /‬رأسي‪ /‬وابتسمت) مجتمعة في تكثيف‬
                                                             ‫دلالي يؤكد قيمة حضور الذات وما توصلت إليه‬
      ‫حيث الحبيب والشريك‪ ،‬وقد تعددت المواقف‬                  ‫من نتيجة صادمة‪ ،‬وقيمة قدرتها في التعالي عليه‬
‫المتباينة تعدد التمثيلات واختلافها‪ ،‬بيد أنها اتحدت‬         ‫في مقابل ضمير جمعي واحد فقط يشير إلى الآخر‬

     ‫في الزيف والوجوه المتلونة والمظاهر الخادعة‪،‬‬               ‫(أنكم) ليحمل هذا التفاوت اللغوي في الإشارة‬
       ‫ودائرة الآخر في نهاية الديوان دائرة ضيقة‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135