Page 125 - m
P. 125

‫نون النسوة ‪1 2 3‬‬

      ‫تتحدث عن العلاقة معه‪ ،‬عن أثر أشواكه التي‬
  ‫أصابتها في قلبها قبل أن تجرح يديها‪ ،‬مهما غلفها‬
  ‫بالورود التي تفوح شذي في ظاهرها؛ لكنها تقطر‬
  ‫د ًما بين يديها‪ ،‬تعلم أنه قصد ذلك‪ ،‬تعود أن يدس‬

      ‫الإساءة في الألم‪ ،‬ألا ينزع منها أشواكها حتى‬
     ‫تحدث في قلبها ما يريد‪ ،‬إنه الجانب الآخر غير‬
    ‫المرئي من الحياة‪ ،‬الحبيب الذي لولاه ما اكتملت‬
      ‫منظومة الحياة‪ ،‬هو ذاته أي ًضا العائق لاكتمال‬
     ‫الحياة «جاءني يسوق غيمتين‪ /‬ويهش عليهما‬
    ‫بوردة أخفت شوكها عنه‪ /‬لم أكن منتبهة‪ /‬لكن‬
   ‫عبير الوردة ملكني‪ /‬انتزعتها من يده‪ /‬فانغرس‬

                    ‫الشوك في إصبعي» (ص‪.)80‬‬
  ‫هو ينفي عن نفسه أنه حمل الورد‪ ،‬وبهذا لم يأت‬

      ‫بالشوك الذي جرح أصبعها‪ ،‬تقول على لسانه‬
     ‫«لم أت ِك بوردة‪ /‬لكنني جئتك بغيمتين مثقلتين‬
    ‫بالفرح‪ /‬هكذا قال‪ /..‬وأنا ابنة العجلة والمظاهر‬
   ‫الخادعة‪ /‬أجلس الآن ألعنهما‪ /‬بإصبع جريحة‪/‬‬

                         ‫وروح خاوية» (ص‪.)81‬‬
  ‫تستمر المواجهة على هيئة عتاب‪ ،‬ويأتي العتاب في‬
   ‫صورة مواجهة‪ ،‬الخطاب مغلف بالود على الرغم‬
 ‫من قسوته‪ ،‬وظاهر القسوة على الرغم مما فيه من‬
   ‫ودادة‪ ،‬في النهاية أظهرت التقصير من الجانبين‪،‬‬

    ‫لم تنتصر للأنثى داخلها على حساب الرجل‪ ،‬إذ‬
‫كانت تسميه نبع ماء فنسي أن يروي عطشها‪ ،‬وهل‬

    ‫يمكن أن تنبت وتزهر أرض عطشي‪ ،‬هنا لم يقم‬
  ‫بدور كان من المفروض أن يقوم به‪ ،‬كان يسميها‬
  ‫شجرة‪ ،‬لكنها نسيت دورها‪ ،‬نسيت أن تظله تحت‬
‫ظلها‪ ،‬وتأخذه بين جوانحها‪ ،‬العلاقة –إ ًذا‪ -‬كي تبقى‬
  ‫وتزهر تحتاج إلي ظل وماء «كنت تراني شجرة‪/‬‬

      ‫وكنت أراك نبع ماء‪ /..‬قل َت مرا ًرا إن النبع قد‬
  ‫يجف‪ /‬وقل ُت إن الشجرة تفارقها فروعها‪ ..‬فجف‬

    ‫كلانا‪ /‬لأنني نسيت أن أظلك ونسيت أن تروي‬
                              ‫عطشي» (ص‪.)83‬‬

  ‫لقد صارح ْت ُه في النهاية بما تريد‪ ،‬دون مواربة أو‬
  ‫تخفي خلف مقولات زائفة‪ ،‬لا تستطيع الاستغناء‬

     ‫عنه؛ لكن بشرط ألا تكون مستعمرة له؛ بل من‬
  ‫خلال كينونتها كامرأة حرة «أنا أحب َك‪ /‬كما يليق‬
  ‫بامرأة حرة‪ /‬فانتبه‪ /..‬لن تطأ أرضي مستعم ًرا»‬

                                       ‫(ص‪)84‬‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130