Page 124 - m
P. 124

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪122‬‬

‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫والمرأة في مجتمع شرقي ذكوري بائس‪ ،‬يحمل المرأة‬
    ‫معه في تنقلاته‪ ،‬كما يحمل أشياءه وأمتعته‪ ،‬مما‬

 ‫يجعل النظرة الرومانسية تتكسر على جدار الواقع‬
   ‫وصراعاته‪ ،‬فكلاهما الآن يسعي إلي تحقيق ذاته‪،‬‬
 ‫تسعي للخروج من عباءته‪ ،‬من معطفه الضيق‪ ،‬مما‬
‫جعل العلاقة تتأرجح بين المد والجزر‪ ،‬بين التجاذب‬
 ‫والتنافر‪ ،‬بين اللقيا والفراق‪ ،‬هنا المرأة تقابل قسوة‬
 ‫القلب لدى الرجل ليست بقسوة مثيلة‪ ،‬فهذه صفة‬
  ‫قابلة لتغيير تركيبتها؛ لكنها تقابل القسوة بالشر‬
  ‫ذاك الفعل الكبير‪ ،‬وهذا ما نراه في هذا المقطع «أنا‬

      ‫امرأة بسبع أرواح‪ /‬وقلب مليء بالثقوب التي‬
    ‫صنعتها يدك‪ /‬كلما خنقت رو ًحا‪ /‬قفزت آخري‬
  ‫تخرج لك لسانها‪ /‬بينما تتسرب أنت قطرة قطرة‬

       ‫دونما أثر وراءك‪ /‬تستدل به يو ًما للرجوع»‬
  ‫(ص‪ .)75‬لقد امتلكت زمامها وصارت قادرة على‬
‫المواجهة‪ ،‬صارت قادرة أن تواجهه بعيوبه وما فعله‬

    ‫معها‪ ،‬وقادرة أي ًضا أن تكون له ن ًّدا‪ ،‬بل صارت‬
   ‫أندا ًدا متعددين‪ ،‬بسبع أرواح‪ ،‬كل روح قادرة أن‬

                       ‫تخرج لسانها خلف أختها‪.‬‬
‫إن الرجل المتعدد الحضور خلال النصوص‪ ،‬لم يكن‬
‫رج ًل يحب الشعر ولا الموسيقي‪ ،‬ولكن ما يهمه هو‬

   ‫أن يقود المرأة‪ ،‬أن يفرض سيطرته على مقدراتها‪،‬‬
‫والأصعب من ذلك أن قيادته لم تكن تتسم بالرزانة‬

     ‫والعقل الذي يصل بصاحبه إلى بر الأمان‪ ،‬هو‬
     ‫صاحب قلب مهتز يميل مع الهوى حيث يميل‪،‬‬
  ‫وتسيطر عليه الأهواء في كل حين «لرجل لم يحب‬
    ‫الشعر‪ /‬ولم تغوه القصائد لكن عجلة القيادة‪/‬‬
  ‫اهتزت يو ًما بين يديه‪ /‬حين رمته إحداهن بنظرة‬
‫فصرعته قبلها» (ص‪ ،)76‬من هنا يمتد العتاب حين‬
 ‫تتناص مع المثل الشعبي العامي (عصفورة في يدك‬
   ‫خير من عشرة عصافير فوق الشجرة)‪ ،‬أي أنك‬
  ‫تمتلك في يدك من يحبك ويخلص لك‪ ،‬بل ويتفانى‬
      ‫في حبك؛ لكنك كالعادة تمشي على وتيرة المثل‬
  ‫الشعبي أي ًضا (الممنوع مرغوب) «العصفورة التي‬
   ‫في يدك‪ /‬العصفورة التي خنقتها‪ /‬وأنت تشتهي‬

       ‫العصافير العشر‪ /‬اللائي يشاغلنك من فوق‬
‫الشجرة‪ /‬تلك العصفورة تقول‪« :‬سامحته يا رب»‪/‬‬

  ‫وأنت منشغل عن الرب وعنها‪ /‬باقتراف العشق»‬
                                      ‫(ص‪.)79‬‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129