Page 129 - m
P. 129

‫نون النسوة ‪1 2 7‬‬

‫د‪.‬محمد عبد المطلب‬  ‫محمد صابر عبيد‬                    ‫الذي وقف متفر ًجا‪/‬‬
                                                    ‫جدتي من هناك أتاني‬
   ‫وتختلف وظائف تلك التقنيات باختلاف وعي‬           ‫صوتها لائ ًما‪ /:‬لماذا لم‬
  ‫الذات بنفسها ما بين التمرد عليها‪ ،‬أو الهروب‬      ‫تطعمي الشاة الوحيدة‪/‬‬

       ‫من ضغوط واقع لا تتحمله‪ ،‬أو مساءلتها‬            ‫التي تركتها حتى جف‬
     ‫ومحاسبتها‪ ،‬أو تأملها بشكل يسمح بزيادة‬        ‫لبنها‪ /‬وأنت عنها غافلة؟‪/‬‬
     ‫المعرفة والإدراك بكينونتها‪ ،‬وبالتالي تقبلها‬  ‫بينما أبي بجوارها يسألني‬
   ‫أو التنافر منها‪ ،‬سواء في حضورها الذاتي أو‬
 ‫حضورها العلائقي كطرف في علاقة مع غيرها‪:‬‬             ‫عن المحصول‪ /‬وعن عيدان‬
   ‫«ظلي تمرد عليَّ بعدما م َّل انكساراتي‪ /‬وأغلق‬            ‫الذرة التي انكسرت‪.»..‬‬
    ‫بابه دوني وقال‪ /:‬هذا فراق بيننا‪ /‬يا رفيقة‬
 ‫الليل والدمعة الخائبة‪ /‬يا أخت القلب الذي كلما‬       ‫وتعد الكتابة الذاتية خصيصة‬
                                                        ‫رئيسة من خصائص كتابة‬
                 ‫قذفوا به إلى الجدار‪ /‬انكمش»‪.‬‬
   ‫في النهاية يمكننا القول بأن المجموعة عكست‬      ‫الشعر الخاطراتي‪ ،‬لذلك كان هناك‬
                                                      ‫حضور واضح لضمير المتكلم‪،‬‬
     ‫بشكل واضح واقع الذات الشاعرة النفسي‬                 ‫فقد ناسب ضمير المتكلم (أنا)‬
  ‫والاجتماعي والثقافي‪ ،‬لذلك لم تغب عنها بعض‬
                                                    ‫الذي يميز خطاب البوح والاعتراف‬
       ‫القضايا التي عرفت بوصفها موضوعات‬                 ‫في الكتابة الذاتية القول الشعري‬
    ‫تتعامل مع طبيعة التجربة الأنثوية؛ كتجربة‬           ‫الذي يهيمن عليه ضمير المتكلم في‬
 ‫الزواج والجنس والأمومة‪ ،‬وما بجانب ذلك من‬
‫موضوعات ذات صلة كبيرة بالمرأة والتي يتحكم‬         ‫الأساس‪ ،‬مما سمح بالتطابق بين الذات‬
‫فيها النوع البيولوجي وما ترتب عليه من ترتيب‬         ‫الشاعر خارج النص والذات المسرودة‬
 ‫للأدوار الاجتماعية والأنماط الثقافية خاصة في‬         ‫داخل النص‪ .‬كما أن ذاتية التجربة في‬
                                                   ‫الشعر تجعل إمكانية القول بأن التجارب‬
          ‫المجتمعات المغلقة نسبيًّا كصعيد مصر‬       ‫الشعرية هي محاولات تجريبية في كتابة‬
                                                        ‫التجارب الذاتية‪ ،‬فكان من السهل أن‬
                                                     ‫تجد الـ(أنا) الشعرية‪ /‬الساردة نفسها‬
                                                      ‫في الـ(أنا) السيرية‪ /‬المسرودة‪ ،‬فنجد‬
                                                        ‫أن الذات الشاعرة تماهت مع كتابتها‬

                                                  ‫لتصبح تجاربها الشخصية هي المؤسسة لقولها‬
                                                                                        ‫الشعري‪.‬‬

                                                           ‫إلا أن الشاعرة قد استخدمت في بعض‬
                                                  ‫النصوص تقنيات الشبيه والظل للتخييل بالذات‪،‬‬

                                                      ‫وكأن الذات الشاعرة قد أرادت باستخدامها‬
                                                       ‫ضمير الغائب أن توهم بعدم التطابق بينها‬
                                                   ‫وبين الأنا النصية‪ ،‬ومن ثم اقترحت على المتلقي‬
                                                   ‫صيغة قراءة النصوص ومحاولة تفسير عائدية‬
                                                  ‫الضمير‪« :‬هي تشبهني تما ًما‪ /‬أو هكذا يقولون‪/‬‬
                                                       ‫تجمع الأحجار والشوك من طريقي‪ /‬تفعل‬
                                                     ‫ذلك دون كلل‪ /‬وأنا حانقة عليها‪ /‬كلما غفلت‬
                                                  ‫عيناها عني‪ /‬ألقيت حج ًرا آخر‪ /‬ورمقتها بنظرة‬

                                                                                  ‫صخرية قاتلة»‪.‬‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134