Page 134 - m
P. 134

‫العـدد ‪58‬‬                                           ‫‪132‬‬

                                                          ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

       ‫التي تركتها حتى جف لبنها‬                           ‫هي التي تستصرخ الإله وتتذكره في تساؤل‬

       ‫وأنت عنها غافلة؟»‬                                               ‫يستدعيه ويستحضره‪:‬‬
                                                                       ‫وأنا الشاعر الزندي ُق أجري أمامهم‬
‫بينما أبي بجوارها يسألني عن المحصول‬

‫وعن عيدان الذرة التي انكسر ْت‪..‬‬                                        ‫أتعثر فيم ُّد لي ي َده‬
‫الكلما ُت التي خرج ْت من أفوا ِههم‬                                     ‫طفل أشبع ُت جوعه وستر ُت أ َّمه‬
       ‫جميعها‬                                                          ‫حين مرت أمامي تبي ُع ثيا َبها‬
       ‫ش ّذب ُتها‬
                                                                         ‫من سنبلا ٍت فوق رأسي‬                  ‫وأنا أصلي‬
                                                                       ‫كل صباح من غيم ٍة ممطرة‬
‫هذه الكلمات جمي ًعا لن تتوقف أمامها ولن تناقشها‪،‬‬                                                ‫يأكل الحما ُم‬
‫هي على وعي بزيفها وتناقضها (مثي ًرا شهوانية‬                                                     ‫تسقيها أمي‬
                                                                       ‫نمت فوق سطح دار ِنا‬
‫صديقه الذي وقف متفر ًجا)‪ ،‬لكنها فقط ستعيد‬                              ‫الزصنودتييُقوفاداسسَموعنوينيبأقدا ِمهم‬
‫صياغتها وتشذبها بما يضمن لها أن تصنع‬                                                                           ‫الشاع ُر‬  ‫أنا‬
                                                                                                               ‫يسمعوا‬    ‫لم‬
‫مساحة آمنة تتحقق (ذاتها) فيها (وعد ُت أنا) بما‬                         ‫بينما الطف ُل الذي أشبع ُت جو َعه‬
‫يحقق كلماتكم ويضمن لي مساحتي في تلك المنطقة‬
                                                                       ‫يصرخ ويقول‪ :‬أينك يا إل ُه َنا؟‬
       ‫الوسطى بين السماء والأرض‪:‬‬
       ‫وصنع ُت منها متك ًئا‬
                                                          ‫لقد كانت رحلة تعرية الزيف هذه هي مكمن‬

       ‫في تلك المنطقة الوسطى‬                              ‫مواصلة رحلة الصعود والتكشف والتحقق‪ ،‬فلا‬
       ‫بين السماء والأر ِض‬
                                                          ‫وزن ولا دور لقيود تفرضونها‪ ،‬قادرة (الذات) على‬

       ‫أرح ُت روحي عليه‪..‬‬                                 ‫إعادة بلورتها وصياغتها بما لا يعرقل مساحتها‬

       ‫وعد ُت أنا‬                                         ‫التي قررت التشبث بها في لحظة تكشفكم جمي ًعا‪:‬‬
       ‫ببنطا ٍل واس ٍع‬                                                 ‫في لحظة فارقة‬
            ‫وحجا ٍب مهندم‬
       ‫لأضب َط ملح الحسا ِء‬                                            ‫قرر ُت الصعو َد‬
                                                                       ‫تعلق ُت بين السماء والأرض‬
       ‫وأطع َم شاة جدتي الوحيد ّة‬                                      ‫كن ُت أسم ُع وأرى‬
       ‫وأرعى محصو َل أبي‬                                               ‫لكنني لا أقوى على الكلام‬

‫وأقيم كس َر أعواده‪( .‬ص‪)45 -44‬‬                                          ‫أشخا ٌص كثيرون‬
‫قادرة (الذات) الآن بعد رحلة الاكتشاف في مقابل‬                          ‫وأصوا ٌت متداخل ٌة‬

‫تكشف الآخر أن تتعامل مع استهدافهم إياها مع‬                                                  ‫أمي تذ َّمرت‪:‬‬
                                                                       ‫«لو لم ترتدي هذا البنطال الضيق»‪..‬‬
‫محاولاتهم وأدها باستعلاء‪ ،‬فقد امتلكت كيفية‬

‫التعامل مع الرصاصات‪ ،‬فرغم ما تحمله من قوة‬                              ‫زوجي لم يوافقها الرأي‪:‬‬

‫وعنف فإنها ستظل طاقة موت تتضاءل أمام رهافة‬                             ‫«لا بأس بالبنطال‬

‫الموسيقى وعذوبة الرقص وما تحمله هذه المفردات‬              ‫لكنها لم تضبط الملح في الحساء قبل صعودها»‬

‫من طاقة حياة في مقابل الموت‪ ،‬في مفارقة مركزية‬                          ‫أخي كان يتلفت حوله بحرج‬

‫واضحة وقوية وصادمة ومكثفة الدلالات‪:‬‬                                                                            ‫وتوعدني‬
       ‫سأتخيلُها موسي َقى‬
                                                                       ‫لم يرقه أن يتطاير حجابي‬
                                                                       ‫وأنا معلق ٌة في الهواء‬
‫نحوي‬   ‫لرذاصلاا تصنادت ِكهمشاولاتإيذاترأصي ِّتوبمووننهيا‬
‫أرقص‪.‬‬                                                                  ‫ليكشف عن ع ُنقي‬

‫اللغة في هذا العالم الشعري تنطلق من الذات‬                 ‫مثي ًرا شهوانية صديقه الذي وقف متفر ًجا‬
‫وتحكي عنها معلن ًة هذا إعلا ًنا جليًّا‪ ،‬فقد صرحت‬               ‫جدتي من هناك أتاني صو ُتها لائ ًما‪:‬‬
‫بدايات أغلب القصائد بضمير الذات الصريح (أنا)‬                        ‫«لماذا لم ُتطعمي الشاة الوحيدة‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139