Page 284 - m
P. 284

‫المشكلة مع مستخدمي فيس بوك‬
                                      ‫وأكثرهم مهوسون بديمومة الحضور‬

                                       ‫(بغ ِّثه الكثير) أنه يترك آثاًرا سلبية‬
                                        ‫ج ًّدا على صحة اللغة تحدي ًدا‪ ،‬لأن‬
                                       ‫المعول على انضباط الاستخدام هو‬
                                        ‫الوازع الذاتي الشخصي‪ ،‬وذلك غير‬
                                        ‫مضمون ولا مأمون‪ ،‬على أية حال‪،‬‬
                                      ‫وعلى الرغم من تفشي هذه الظاهرة‬
                                         ‫وما يصاحبها من انزعاج شديد‬
                                      ‫أحيا ًنا‪ ،‬فإن من طبائع الأمور أن الجيد‬

                                             ‫يفرز نفسه في النهاية‪.‬‬

 ‫فيس بوك ليتحققوا لأنهم بالفعل‬          ‫الكتابة من صحة لغوية وإملائية‬              ‫على الأدب بشكل عام؟‬
‫متحققون ورقيًّا سل ًفا‪ ،‬كل ما يمكن‬    ‫وقواعد نحوية‪ ،‬وهؤلاء هم الغالبية‬
                                                                               ‫هذا طبيعي ج ًّدا‪ ،‬وعلى الرغم من‬
    ‫أن يضيفه إليهم فيس بوك هو‬               ‫العظمى‪ ،‬ويحدثون ازدحا ًما‬            ‫الانزعاج الشديد من كثير مما‬
 ‫زيادة رقعة انتشارهم باستقطاب‬           ‫مزع ًجا لبقية المستخدمين‪ ،‬ناهيك‬
                                                                               ‫ينشره المتعاطون مع فيس بوك؛‬
   ‫متابعين جدد‪ ،‬وهؤلاء أقرب إلى‬             ‫عن خطورة تكريس الأخطاء‬           ‫فإنه يعكس حالات ضرورية أحيا ًنا‬
    ‫الزهد في استخدام فيس بوك‪،‬‬          ‫اللغوية لدى من يقرأ لهم من غير‬
   ‫وعددهم قليل مقارنة بالنوعين‬                                                  ‫لهؤلاء تتعلق بالكبت والتنفيس‬
                                                            ‫العارفين‪.‬‬          ‫والطموح في الشهرة وربما تقليد‬
                      ‫السابقين‪.‬‬              ‫الثاني‪ :‬موهوبون ناشئون‬            ‫آخرين‪ ،‬وعلى الجملة ج َّسد فيس‬
      ‫المشكلة مع مستخدمي فيس‬           ‫يجربون كتاباتهم ويأملون ص ًدى‬         ‫بوك حالة تحقق شخصي بصرف‬
 ‫بوك وأكثرهم مهوسون بديمومة‬             ‫إيجابيًّا لها أو تشجي ًعا ممن لهم‬
  ‫الحضور (بغثِّه الكثير) أنه يترك‬       ‫خبرة بمجال ما يكتبون‪ ،‬وهؤلاء‬            ‫النظر عن غرابتها وزيفها‪ ،‬بهذا‬
  ‫آثا ًرا سلبية ج ًّدا على صحة اللغة‬    ‫أقل عد ًدا من النوع الأول‪ ،‬وأكثر‬        ‫المفهوم تعاطى المستخدمون مع‬
   ‫تحدي ًدا‪ ،‬لأن المعول على انضباط‬
     ‫الاستخدام هو الوازع الذاتي‬                          ‫حيا ًء وحذ ًرا‪.‬‬          ‫فيس بوك بوصفه فضا ًء ح ًّرا‬
   ‫الشخصي‪ ،‬وذلك غير مضمون‬                       ‫الثالث‪ :‬أدباء متحققون‬        ‫لحالات كتابية في مختلف الأجناس‬
   ‫ولا مأمون‪ ،‬على أية حال‪ ،‬وعلى‬         ‫ومعروفون للمهتمين بمجالاتهم‪،‬‬
‫الرغم من تفشي هذه الظاهرة وما‬          ‫وهؤلاء يكتبون بمسؤولية عالية‪،‬‬            ‫الأدبية‪ ،‬وأهمها الشعر والقصة‪،‬‬
‫يصاحبها من انزعاج شديد أحيا ًنا‪،‬‬      ‫ويعرفون تأثير كلماتهم في القراء‪،‬‬        ‫قصيرة أو قصيرة ج ًّدا‪ ،‬ويمكنني‬
   ‫فإن من طبائع الأمور أن الجيد‬       ‫لذلك هم حذرون ج ًّدا‪ ،‬ويتواجدون‬
                                           ‫بانضبا ٍط عا ٍل بد ًءا من الكلمة‬     ‫أن أقسم هؤلاء إلى ثلاثة أنواع‪:‬‬
           ‫يفرز نفسه في النهاية‪.‬‬            ‫المفردة وانتهاء بالنص الذي‬          ‫الأول‪ :‬نوع جريء غريب أقرب‬
                                        ‫ينشرونه‪ ،‬وهم ليسوا بحاجة إلى‬            ‫إلى السفه‪ ،‬يكتب ما يريد وقتما‬
                                                                               ‫يريد دون التقيد بأدنى متطلبات‬
   279   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289