Page 289 - m
P. 289

‫‪287‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫حوار‬

                                                                           ‫والشعري على السواء‪ ،‬فقراءات‬
                                                                         ‫الرجل وأسئلته التي بثها في ثنايا‬
                                                                        ‫كتبه حقيقة بأن يجتمع عليها فرق‬
                                                                        ‫من الباحثين بالدرس والتمحيص‪.‬‬
                                                                         ‫كلمة أخيرة لا بد منها للإنصاف‪،‬‬

                                                                           ‫ربما أبعد توجه كثير من النقاد‬
                                                                        ‫لاتجاهات نقدية غربية خالصة عن‬

                                                                          ‫الخوض في مقولات الآباء‪ ،‬وهو‬
                                                                         ‫ما يبدو انقطا ًعا في ظاهره‪ ،‬ولكن‬
                                                                          ‫حقيقة الأمر أن ك ًّل منهم يحمل‬

                                                                           ‫في صميم تكوينه النقدي َن َسبًا‬
                                                                        ‫إليهم‪ ،‬وإن في مرحلة ما من عمره‬

                                                                                                ‫النقدي‪.‬‬

‫يوسف زيدان‬  ‫مصطفى ناصف‬                              ‫فينسنت ليتش‬           ‫تحدثنا عن الرواية والنقد‪،‬‬
                                                                         ‫بقي أن نتحدث عن الشعر‪:‬‬
 ‫الالتباس بفتح مسارات التواصل‬       ‫صحيح أن الكتابة الإبداعية تنزع‬
  ‫بين القصيدة والمتلقي من جديد‪،‬‬          ‫بطبيعتها للفردية‪ ،‬ولكنها في‬          ‫كيف تنظر إلى المشهد‬
                                                                          ‫الشعري الآني‪ ،‬وفي القلب‬
     ‫ونجحوا في ذلك إلى حد جلي‪،‬‬        ‫النهاية تشكل رؤى متوازية أو‬       ‫منه قصيدة النثر؟ هل تسير‬
‫ورأينا أسماء مرموقة مثل إبراهيم‬        ‫متقاطعة بين مختلف المبدعين‬          ‫نحو التجديد كما أراد لها‬
 ‫داود وعاطف عبد العزيز وسمير‬         ‫على أرضية مجتمع واحد وواقع‬
                                    ‫واحد ومثيرات إبداعية تكاد تكون‬           ‫فرسانها؟ أم أن دخول‬
    ‫درويش وعماد غزالي وعزمي‬                                                  ‫«فيس بوك» على الخط‬
    ‫عبد الوهاب وآخرون جيدون‪،‬‬                               ‫واحدة‪.‬‬
   ‫منذ تلك اللحظة تحقق لقصيدة‬             ‫أدخل الشعراء السبعينيون‬                        ‫أفسدها؟‬
 ‫النثر المصرية سمتها الخاص‪ ،‬ثم‬        ‫القصيدة الجديدة إلى نفق معتم‬
 ‫توالى شعراء آخرون من الأجيال‬        ‫بعد الانقطاع العنيف عن النسق‬        ‫المشهد الشعري المصري الآني في‬
‫اللاحقة يؤصلون الملامح الجديدة‪،‬‬     ‫الشعري السائد وقتها‪ ،‬على الرغم‬       ‫وضع حرج‪ ،‬على الرغم من توافر‬
   ‫إلا أن الأمر لم يطل كثي ًرا حتى‬       ‫من الحفريات الجمالية التي‬      ‫الشعراء الشباب على الساحة‪ ،‬لدينا‬
   ‫انتشر تطبيق فيس بوك جار ًفا‬        ‫أسسوها في خطاباتهم الشعرية‬          ‫شعراء شباب جيدون ويمتلكون‬
  ‫معه نفايات كثيرة ما كان لها أن‬    ‫مجتمعة‪ ،‬ولكنهم ودون أن يدروا‪،‬‬
‫تحدث‪ ،‬فارتبك المشهد على الجميع‪،‬‬       ‫أحدثوا انقطا ًعا آخر كان حتميًّا‬     ‫رؤى وخطابات شعرية تكشف‬
‫ليس في مصر وحدها بل في العالم‬        ‫مع المتلقي‪ ،‬فيما يشبه مخاصمة‬          ‫وعيًا ملحو ًظا بجوهر ومقاصد‬
  ‫أجمع‪ ،‬وما زال المشهد مضطر ًبا‬      ‫المجتمع بسبب الغموض الشديد‬              ‫الشعر الجيد‪ ،‬وكثيرون منهم‬
   ‫إلى حد ما‪ ،‬إلا أنني ‪-‬وكما قلت‬      ‫لنصوصهم‪ ،‬وكان مقصو ًدا في‬
 ‫ساب ًقا‪ -‬مطمئن إلى استقرار الأمر‬    ‫ذاته وفق تصريح أحد أعلامهم‪.‬‬              ‫يكتبون قصيدة النثر بوعي‬
                                    ‫من المنصف هنا القول إن شعراء‬           ‫مسؤول‪ ،‬ومع ذلك يظل المشهد‬
                      ‫في النهاية‬     ‫الثمانينيات كان عليهم فض هذا‬
                                                                             ‫الشعري في وضع حرج‪ ،‬لأن‬
                                                                            ‫هؤلاء الشعراء يعملون فرادى‬
                                                                            ‫من دون مظلة يمكن أن تشكل‬
                                                                        ‫اتجا ًها شعر ًّيا له ملامحه الخاصة‪،‬‬
   284   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294