Page 96 - m
P. 96

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪94‬‬

                                                  ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

            ‫وساقين وذراعين ورأس لهذا الهراء‪.‬‬         ‫والأفراح والندوات والمؤتمرات‪ ،‬لا يمر يوم دون‬
       ‫أعمل بكل جهدي قبل قدوم الأستاذ صالح‪.‬‬               ‫الإشارة إلى اسمه ووصفه بالكاتب الكبير‪.‬‬
 ‫في وقدة الظهيرة يأتي‪ ،‬فأقول بصوت لا يسمعه‪:‬‬                  ‫ما هى الكتابة التي كتبها وأين نشرها؟‬
‫أغسطس ومدينة نصر وصالح أبو النجا‪ ،‬ثم أشكو‬                ‫أعرف كل فنون تلميع الوجوه وأعرف كيف‬

                                   ‫من اكتئابي!‬          ‫يبروزون فلا ًنا أو فلانة ويقدمونه في صدارة‬
‫لم أغلبه سوى في معركة واحدة‪ ،‬ففي يومي الأول‬       ‫المشهد‪ ،‬ولكن الحاصل مع الأستاذ صالح فوق ذلك‪.‬‬
                                                  ‫هل الرجل مدرب على تدمير أرض الناس وتدنيسها‬
                               ‫معه قال بحسم‪:‬‬      ‫وتركها كخرقة بالية لا تصلح حتى لتنظيف أسطح‬
             ‫‪ -‬التدخين ممنوع في ساعات العمل‪.‬‬
‫‪ -‬سأمتنع عن التدخين عندما تضع على المقر لافتة‬                                             ‫المواقد؟‬
           ‫تقول‪« :‬هنا مستشفى الجلاء للولادة»‪.‬‬                           ‫هل هذا دوره وتلك مهمته؟‬
       ‫‪ -‬لماذا مستشفى الجلاء على وجه التحديد؟‬       ‫هل أنا الآن مصاب بهلاوس والرجل أبسط وأتفه‬
          ‫‪ -‬سبق لي أن وضعت جنيني الأول بها‪.‬‬
                                                                                        ‫مما أظن؟‬
                                   ‫قال غاضبًا‪:‬‬                                         ‫أين يقيني؟‬
                             ‫‪ -‬هل تسخر مني؟‬          ‫لا يقين‪ ،‬فكل يوم يباغتني الرجل بجديد لا يمكن‬
    ‫‪ -‬معاذ الله‪ ،‬ولكن الذي أوله شرط آخره نور‪،‬‬      ‫أن يكون طار ًئا على شخصيته‪ ،‬هو ُمدرب ولتذهب‬
  ‫سأدخن‪ ،‬هذا يرضيك فأه ًل وسه ًل‪ ،‬لا يرضيك‪،‬‬                                   ‫شكوكي إلى الجحيم‪.‬‬
 ‫سأغادر الآن‪ ،‬وأنت لم تخسر شيئًا‪ ،‬وأنا سأكون‬             ‫لقد كرهت كل موقف وقفته وكل كلمة قلتها‬
                    ‫قد خسرت أجرة المواصلات‪.‬‬             ‫ضدهم‪ ،‬لقد تركوني أتكلم‪ ،‬وها قد جاء وقت‬
     ‫رسم بسرعة فائقة ابتسامة على وجهه وقال‪:‬‬       ‫الحساب‪ ،‬وما أقسى حسابهم الجالد لظهري بسوط‬
                          ‫‪ -‬لهذا هم لا يحبونك‪.‬‬                            ‫الأستاذ صالح أبو النجا‪.‬‬
                             ‫سارعت بمقاطعته‪:‬‬
                     ‫‪َ -‬م ْن هم الذي لا يحبونني؟‬                      ‫***‬
                     ‫ضحك ضحكة صافية ورد‪:‬‬
     ‫‪ -‬أنت تعرفهم‪ ،‬دخن يا سيدي براحتك ودمر‬          ‫أصحو مبك ًرا‪ ،‬بعد ساعات نوم مضطربة‪ ،‬أتناول‬
 ‫قلبك ورئتيك كما تشاء‪ ،‬مع الأخذ في الاعتبار أنك‬      ‫بيضة واحدة مسلوقة‪ ،‬مع كوب شاي‪ ،‬ثم أغادر‬
         ‫ستتحمل وزر مرضي بالتدخين السلبي‪.‬‬            ‫بيتي في السابعة صبا ًحا لكي أصل إلى الموقع في‬
                      ‫‪ -‬لديك مكتب فاذهب إليه‪.‬‬
 ‫بعد تلك المعركة التي ربحت فيها التدخين وتدمير‬                             ‫التاسعة أو بعدها بقليل‪.‬‬
  ‫ما بقي من قلبي ورئت َّي‪ ،‬لم أربح معركة واحدة‪،‬‬   ‫دائ ًما أجد مسعد عامل البوفيه في انتظاري‪ ،‬يقدم لي‬
‫لقد فرض الرجل ثلاث فقرات سيطر بهن على بقية‬        ‫فنجان قهوة وكوب من الماء المثلج ثم يتركني لينكب‬
                                                  ‫هو على فيديوهات اليوتيوب والفيس بوك الساخنة‪.‬‬
                                         ‫يومنا‪.‬‬
     ‫الفقرة الأولى‪ :‬خصصها للشكوى من السيدة‬                                           ‫أكلمه محذ ًرا‪:‬‬
                                                      ‫‪ -‬يا مسعد‪ ،‬هذه الفيديوهات ستخ ِّرب ركبتيك‪.‬‬
       ‫المصون زوجه الكريمة‪ ،‬فهى تهمل فحولته!‬
  ‫عندما سمعت فحولته هذه لأول مرة كدت أنفجر‬                                           ‫يرد ضاح ًكا‪:‬‬
                                                     ‫‪ -‬فليكن خراب ركبتي في صالح عمارة مزاجي‪.‬‬
     ‫من وطأة العبث الذي أسمعه‪ ،‬رجل في الثانية‬
                  ‫والسبعين يتحدث عن الفحولة‪.‬‬             ‫أفتح الجهاز‪ ،‬دائ ًما ما أجد ثلاث مواد عابرة‬
                                                     ‫للتصنيف‪ ،‬فهذه ليست مقالات ولا تحقيقات ولا‬
 ‫طب ًعا لهذه الفقرة توابع تدور حول مغامراته التي‬   ‫أخبار ولا تقارير‪ ،‬إنها لا تنتمي لأي نوع من أنواع‬
‫يتحدث عنها وهو يغمز بعينه اليسرى الكليلة غمزة‬     ‫الكتابة الصحفية‪ ،‬هى محض ثرثرة‪ ،‬لا أعرف كيف‬

                               ‫تثير اشمئزازي‪.‬‬                        ‫يجرؤ قلب إنسان على اقترافها‪.‬‬
                                                    ‫أذ ِّكر نفسي بأني فرد ديسك‪ ،‬مهمته صنع قدمين‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101