Page 86 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 86
فضلاً عن سب الصحابة ،فأمر أن يكتب على المساجد وأبواب الشوارع سب أبي بكر
وعمر وعثمان وعائشة ...رضي الله عنهم ،ثم محا ذلك بعد عامين!!
وجاء هذا السلوك من جانب الحاكم مصحوباً بميل إلى سفك الدماء ،فقتل عدداً
كبيراً من كبراء دولته ،الأمر الذي أخاف العامة والخاصة منه .وزاد الطين بلة
إدعاهه الربوبية ،فتقرب إليه جماعة من الجهال اعتقدوا في ألوهيته ،وإذا لقوه قالوا
السلام عليك يا واحد يا أحد يا محي يا مميت!! ويقال إن الذي شجعه على إدعاء
الربوبية أحد الدعاة – هو محمد بن إسماعيل الدرزى – وإليه تنسب طائفة الدروز
الذين يعتقدون في الحاكم .ثم ظهر اضطراب عقله في حبه للعزلة ،فاعتاد أن يركب
حماراً ويخرج ليجول في جبل المقطم .وفي إحدى ليالي شهر شوال سنة 411هـ /
1020م خرج الخليفة راكباً حماراً ليقوم بجولته المعتادة في جبل المقطم ولكنه لم يعد
،ويقال أن أخته ست الملك هي التي دبرت قتله في تلك الليلة بعد أن ساءت سيرته.
ومازالت طائفة الدروز حتى اليوم تعتقد أن الحاكم لم يقتل وإنما اختفى ،وسيعود إلى
الظهور إذا زالت المفاسد المنتشرة في العالم ،فهو عندهم الإمام المنتظر.
عهد الظاهر لإعزاز دين الله :
................................
وعندما تحقق الناس من نهاية الحاكم أقاموا في الخلافة ولده الظاهر لإعزاز
دين الله ( 427 – 411هـ1036 – 1020 /م) ،وكان في السادسة عشر من عمره
فقامت بالوصاية عليه عمته ست الملك .وقد أظهرت ست الملك كفاية نادرة في إدارة
شهون البلاد حتى كانت وفاتها سنة 415هـ 1024 /م ولم يستمر الظاهر في الحكم
مدة طويلة ،إذ توفى سنة 427هـ1036 /م .ويبدو أن الظاهر شغل في حكمه
بمحاولة إصلاح الأوضاع في البلاد بعد فترة الاضطراب التي سادت أواخر عهد أبيه
الحاكم.
عهد المستنصر بالله :
.......................
وبعد الظاهر خلفه ابنه المستنصر بالله ( 487 – 427هـ1094 – 1036 /م)
وكان في السابعة من عمره .وقد حكم المستنصر قرابة ستين سنة ،وهي فترة طويلة
لم يحظ بها خليفة ييره .ويبدو أن السنوات الأولى من حكم المستنصر اتصفت بالرخاء
والثروة ،الأمر الذي يتضح من كتابات ناصر خسرو الذي زار مصر سنة 439هـ /
1047م يير أن هذا الرخاء لم يستمر طويلاً ،إذ أخذ نفوذ الدولة الفاطمية ينكمش
86