Page 82 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 82

‫وكان من الطبيعي أن يستعد جوهر الصقلي لاستقبال سيده الخليفة المعز لدين الله‬
‫الفاطمي ‪ ،‬فبادر بإنشاء قصر كبير لهذا الغرض ‪ ،‬هو الذي أطلق عليه اسم القصر‬
‫الشرقي تمييزاً له عن القصر الغربي الذي شيده الخليفة العزيز بالله الفاطمي فيما بعد‪.‬‬
‫وقيل في تسميته أنه سمى بالشرقي لموقعه في الطرف الشرقي للمدينة التي اختطها‬
‫جوهر ‪ ،‬إذ كان مجاوراً للسور الشرقي‪ .‬وموقع هذا القصر اليوم المكان الذي حل محله‬
‫مسجد الحسين رضى الله عنه وخان الخليلي وجعل جوهر للقصر الشرقي الكبير تسعة‬
‫أبواب ‪ ،‬سميت بالأيراض والمناسبات التي استخدمت فيها ‪ ،‬فباب العيد مثلا كان‬
‫يخرج منه الخليفة لصلاة العيدين ‪ ،‬وباب البحر كان يخرج منه الخليفة عندما يقصد‬
‫شاطئ النيل ‪ ،‬وباب الزمرد وكان يتوصل منه إلى قصر الزمرد ‪ ،‬وباب التربة كان‬

                                                 ‫يؤدي إلى مقابر الخلفاء ‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫ولكن الخلافة الفاطمية كانت خلافة دعوة ‪ ،‬جاءت وليدة عقيدة معينة وعاشت في‬
‫سبيل الدعوة لهذه العقيدة والدفاع عنها ‪ ،‬وصار بقاهها مرتبطاً بانتشار تلك العقيدة‬
‫وتثبيت قواعدها‪ .‬لذلك بادر جوهر الصقلي بوضع أساس جامع كبير في المدينة التي‬
‫اختطها‪ .‬ولم يكن الغرض من هذا الجامع مجرد الصلاة وإقامة شعائر الإسلام ‪ ،‬مثل‬
‫الجامع العتيق الذي أقامه عمرو ابن العاص في الفسطاط ‪ ،‬أو مثل الجامع الذي شيده‬
‫أحمد بن طولون في القطائع ‪ ،‬وإنما أراد به جوهر الصقلي أن يكون مركزاً لنشر‬
‫الدعوة الشيعية ‪ ،‬ومدرسة لتلقين مباد المذهب الشيعي‪ .‬ولم يتم بناء هذا الجامع إلا‬
‫سنة ‪ 361‬هـ ‪972 /‬م ‪ ،‬وأطلق عليه الجامع الأزهر تيمنا باسم فاطمة الزهراء رضي‬

                                        ‫الله عنها ‪ ،‬وهي التي نسب إليها الفاطميون‪.‬‬
‫هذا وإن كان هناك رأي ضعيف يقول أنه سمى بالجامع الأزهر نسبة إلى اللون‬
‫الأبي المزهر الذي طليت به جدران المسجد ‪ ،‬وكان هذا اللون هو المفضل عند‬

                  ‫الفاطميين في طلاء مساجدهم بشمال أفريقية قبل انتقالهم إلى مصر‪.‬‬
‫وباستكمال الفتح ‪ ،‬ووضع أساس القاهرة ‪ ،‬وبناء قصر لنزول الخليفة ‪ ،‬وجامع‬
‫كبير تؤدي الشعائر فيه وفق عقائد الشيعة ‪ ،‬صار كل شئ معداً لاستقبال الخليفة المعز‬

             ‫لدين الله ‪ ،‬فأرسل إليه جوهر الصقلي يدعوه للقدوم إلى مقر ملكه الجديد‪.‬‬

                                              ‫‪82‬‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87