Page 80 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 80

‫مجدها وعظمتها وأحلى أيامها‪ .‬لذلك لا عجب إذا فرح الخليفة المعز الفاطمي فرحا‬
     ‫منقطع النظير عندما بلغته أخبار نجاح الفتح ‪ ،‬وأخذ يستعد لنقل بلاطه إلى مصر ‪.‬‬

               ‫إنشاء مدينة القاهرة العاصمة الإسلامية الرابعة لمصر‬
                    ‫‪.....................................................‬‬

‫وربما بدأ يريباً أن أول ما فكر فيه جوهر الصقلي ليلة دخوله الفسطاط شعبان‬
‫سنة ‪ 358‬هـ ‪969 /‬م هو إنشاء مدينة جديدة تكون حاضرة للدولة الفاطمية‪ .‬ولكن‬
‫فكرة بناء عاصمة جديدة ليست فكرة يريبة في حد ذاتها ‪ ،‬إذ يلمس الدارس للتاريخ‬
‫الإسلامي حرص الولاة والقادة في مختلف الولايات الإسلامية على إنشاء المدن لتكون‬
‫مراكز للحكم الجديد ‪ ،‬وقواعد للجند‪ .‬وفي مصر بالذات رأينا كيف أنشأ عمرو بن‬
‫العاص مدينة الفسطاط عقب فتحه مصر سنة ‪ 20‬هـ ‪641 /‬م ‪ ،‬وهي المدينة التي ظلت‬
‫حاضرة للبلاد طوال عصر الخلفاء الراشدين ثم الأمويين‪ .‬فلما قامت الدولة العباسية‬
‫أسرع أبو عون عبد الملك بن يزيد – والي مصر من قبل الخليفة أبي العباس السفاح –‬
‫إلى إنشاء حاضرة جديدة هي مدينة العسكر سنة ‪ 133‬هـ‪751 /‬م‪ .‬وظلت العسكر‬
‫حاضرة مصر في العصر العباسي حتى بزغ نجم أحمد بن طولون فأنشأ مدينة القطائع‬
‫سنة ‪ 256‬هـ ‪870 /‬م ‪ ،‬وهي المدينة التي ظلت مركزاً للحكم طوال عصر الطولونيين‬
‫والإخشيديين‪ .‬وهكذا حتى فتح جوهر الصقلي مصر فكان منطقياً أن يفكر في إنشاء‬
‫حاضرة جديدة للدولة الفاطمية‪ .‬ولا يخفي علينا أن حاجة الدولة الفاطمية إلى إنشاء‬
‫حاضرة لها في مصر فاقت حاجة حكام مصر السابقين في العصر الإسلامي ‪ ،‬لأن‬
‫الدولة الفاطمية أتت بمذهب جديد حرصت على نشره وإرساء قواعده في البلاد ‪ ،‬فكان‬
‫لابد لهذه الدعوة من مركز بكر يقام على أرض نظيفة في وادي النيل ‪ ،‬حتى ينبت‬
‫المذهب الجديد فيه ‪ ،‬ويحس دعاته بين جوانبه أنهم أحرار في بث دعوتهم دون أن‬
‫يخشوا صداما مفاجهاً أو ثورة مضادة من أتباع المذهب القديم السائد في البلاد ‪ ،‬وهو‬

                                                                   ‫المذهب السني‪.‬‬
‫ويقال إن جوهر الصقلي سمي الحاضرة الجديدة التي أنشأها باسم المنصورية ‪،‬‬
‫نسبه إلى الخليفة المنصور الفاطمي والد الخليفة المعز لدين الله ‪ ،‬وظلت تعرف بهذا‬
‫الاسم حتى قدم الخليفة المعز إلى مصر ‪ ،‬فغير اسمها وجعله القاهرة المعزية‪ .‬ومرة‬
‫أخرى يتعدد القص وتتباين الروايات حول اشتقاق اسم القاهرة ‪ ،‬فإبن دقماق يقول‬

                                              ‫‪80‬‬
   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85