Page 75 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 75
العلاقة بين الفاطميين والإخشيديين
..................................
الواقع أن ثمة حقيقة ينبغي أن نشير إليها ،هي أن الشيعة عندما أعلنوا ثورتهم
ضد الأمويين ثم العباسيين لم يكن هدفهم مجرد إقامة دولة علوية فحسب ،بل كان
هدفهم الكبير هو الوصول إلى حقهم في خلافة الرسول عليه الصلاة والسلام ،وحكم
المسلمين جميعاً بوصفهم أصحاب الحق الشرعي الوحيد في الخلافة .وبعبارة أخرى
فإن العلويين عندما تحركوا ضد بني أمية لم يستهدفوا إقامة دولة تحكم شطراً من
المسلمين إلى جانب دولة بني أمية ،وعندما تحركوا ضد العباسيين لم يقصدوا مقاسمة
بني العباس حكم المسلمين ،وإنما كان هدفهم الأساسي هو القضاء على خلافة بين
أمية بوصفها يير شرعية والقضاء على خلافة بني العباس بوصفهم مغتصبين للخلافة
من أصحابها الشرعيين ،وإقامة خلاقة علوية تكون هي الخلافة الوحيدة التي يدين لها
بالطاعة المسلمون جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها .ولهن كانت الظروف قد فرضت
على العلويين الابتعاد عن قلب العالم الإسلامي ،وبث دعوتهم في شمال إفريقية خوفاً
على أنفسهم من بطش الخلفاء العباسيين ،بعد المصائب العديدة التي أخذت تترى على
رهوس أئمة الشيعة الأوائل ،فإن الموقف تبدل بعد أن نجح العلويون في تثبيت
أقدامهم في شمال أفريقية ،وإقامة دولة كبيرة تمتلك من الجيوش والأساطيل ما جعلهم
قادرين على تحقيق أهدافهم الكبرى البعيدة .ولا أقل بعد أن نجح العلويون في بسط
سيطرتهم على المغرب الأفريقي من أن يتطلعوا إلى المشرق الإسلامي وبخاصة مصر
والشام والحجاز .ففي المشرق كان مولد الإسلام ،ومن المشرق انبعثت عظمته .هذا
إلى أن سيطرة الفاطميين على مصر والشام والحجاز لن تضفي عليهم أهمية خاصة في
نظر المسلمين فحسب ،بل ربما مكنتهم هذه السيطرة من ضرب العباسيين في المشرق
مثلما تمكنوا من ضرب الأمويين في الأندلس والمغرب ،وبذلك يتم الثأر لما حل
بالعلويين في سابق الأزمنة على أيدي الأمويين والعباسيين جميعاً.
وقد سبق أن رأينا كيف بادر عبيد الله المهدي عقب تأسيس خلافته في القيروان
بإرسال حملة سنة 301هـ 913 /م لغزو مصر بقيادة حباسة ابن يوسف ،أحد زعماء
كتامة .وكان أن نجحت هذه الحملة في الاستيلاء على برقة ثم الإسكندرية وأخذت
تتويل في الوجه البحري ،الأمر الذي أفزع الخليفة المقتدر العباسي ،فأرسل جيشاً
كبيراً بقيادة مؤنس الخادم ،أنزل الهزيمة بالجيش الفاطمي عند مشتول قرب الجيزة ،
فعاد حباسة ابن يوسف مدحوراً إلى المغرب حيث قتله الخليفة الفاطمي.
75