Page 73 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 73

‫ولما أخذ الخلفاء العباسيون يضيقون الخناق على جهود الشيعة بوجه عام ‪ ،‬أدرك‬
‫الإسماعيلية صعوبة إقامة دولة لهم بالشام ‪ ،‬لقربها من مركز الخلافة العباسية في‬
‫العراق ‪ ،‬ورأوا أن شمال إفريقية أكثر أمناً لبعدها عن بغداد‪ .‬هذا فضلاً عن الأحوال‬
‫السياسية في شمال أفريقية وحنق البربر واستعدادهم لإعتناق المذهب الشيعي ‪ ،‬مما‬
‫جعل شمال أفريقية أرضاً طيبة صالحة لنشاط دعاة الإسماعيلية‪ .‬وعلى رأس هؤلاء‬

   ‫الدعاة يأتي اسم أبي عبد الله الشيعي الذي دخل بلاد المغرب سنة ‪ 143‬هـ ‪760 /‬م‪.‬‬
‫أما أبو عبد الله الشيعي هذا فأصله من صنعاء باليمن ‪ ،‬واسمه الحسن ابن أحمد ‪،‬‬
‫وكان من دعاة الإثنا عشرية أولا ثم اعتنق المذهب الإسماعيلي وصار من كبار دعائمه‬
‫‪ ،‬حتى وقع الاختيار عليه للقيام بالدعوة في بلاد المغرب‪ .‬وهناك في المغرب رحبت به‬
‫قبائل كتامة ‪ ،‬وأقبل إليه البربر يناصرونه ويؤيدون دعوته لمذهب الإسماعيلية‪ .‬ولم‬
‫يستطع الأيالبة – الذين حظوا بعطف الخلافة العباسية وتأييدها – القضاء على نفوذ‬
‫أبي عبد الله الشيعي ‪ ،‬فتمكن بفضل أنصاره من التغلب على الجيوش التي أرسلها ضده‬
‫إبراهيم الأيلبي‪ .‬ولم تلبث المدن والبلاد الواقعة يربي القيروان أن وقعت تحت سيطرة‬
‫أبي عبد الله الشيعي في أواخر القرن الثالث للهجرة‪ .‬وساعد على استقرار نفوذه في‬

        ‫تلك البلاد حسن سياسته وبعد نظره وتقربه إلى الناس بنشر العدل ومنع الظلم‪.‬‬

                    ‫قيام الدولة الفاطمية في المغرب‬
                     ‫‪.......................................‬‬

‫ولما إطمأن أبو عبد الله الشيعي إلى نجاح الدعوة في شمال أفريقية ‪ ،‬واستقرار‬
‫الأمور ‪ ،‬واستعداد الناس لتلقي الإمام ‪ ،‬أرسل إلى الإمام عبيد الله المهدي الذي كان‬
‫مقيماً في سلمية بالشام يدعوه للحضور إلى أفريقية‪ .‬وعبيد الله المهدي هذا هو أول‬
‫الخلفاء الفاطميين في المغرب ‪ ،‬واسمه سعيد بن أحمد بن إسماعيل ابن محمد بن‬
‫إسماعيل بن جعفر الصادق‪ .‬وأحياناً تنسب إليه الدولة الفاطمية فتعرف بالعبيدية ‪،‬‬
‫وتعرف سلالته بالعبيديين‪ .‬ولا داعي هنا للدخول في تفصيلات عن النقاش الذي دار في‬
‫التاريخ حول صحة نسب الفاطميين إلى على بن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي الله‬

                                                                           ‫عنهما‪.‬‬
‫ولم يكن الطريق إلى المغرب سهلاً أمام عبيد الله المهدي ‪ ،‬إذ علم الخليفة العباسي‬
‫المقتدر (‪ 320 – 295‬هـ‪932 – 907 /‬م) بامر خروجه من سلمية إلى الغرب ‪،‬‬
‫فأصدر أوامر مشددة بالقب عليه‪ .‬وهكذا كان على عبيد الله المهدي أن يتخفى في زي‬

                                              ‫‪73‬‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78