Page 69 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 69
يير أن هذه الهزيمة لم تضع حداً لتهديد النوبيين لحدود مصر الجنوبية ،إذ حدث
في عهد أبي الحسن على بن الإخشيد أن انتهز النوبيون فرصة القحط الذي تعرضت له
مصر من ناحية ،وإيارة القرامطة على الشام من ناحية ثانية ،ثم تهديد الفاطميين
من المغرب لمصر من ناحية ثالثة ،وأياروا على حدود مصر الجنوبية .ويروي أبو
المحاسن ما حدث في تلك السنة فيقول وسار ملك النوبة إلى أسوان ووصل إلى
أخميم وقتل ونهب وسبي وأحرق .ولا يستبعد بع الباحثين أن تكون هذه الإيارات
النوبية على حدود مصر الجنوبية في عهد الإخشيديين نتيجة لتحري الفاطميين الذين
أرادوا إضعاف الإدارة الإخشيدية وشغلها بالعمل في أكثر من جبهة.
سقوط الدولة الإخشيدية
......................
والواقع أن الخطر الكبير الذي عصف بالدولة الإخشيدية إنما جاء من المغرب ،أي
من ناحية الدولة الفاطمية بالمغرب .وسنتكلم عن نمو قوة الفاطميين ونجاحهم في يزو
مصر فيما بعد ،ولكن تكفي الإشارة الآن إلى أن نجاح الفاطميين في يزو مصر
وامتلاكها لم يكن مرجعه قوة الفاطميين بقدر ما كان مرجعه ضعف الإخشيديين .ذلك
أنه حدث بعد وفاة كافور الإخشيدي سنة 357هـ 968 -م أن خلفه أبو الفوارس أحمد
بن على ابن محمد الإخشيد .وكان أبو الفوارس في الحادية عشر من عمره مما جعله
ألعوبة في أيدي كبار رجال الدولة ،وخاصة الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات .ويقال
أن الوزير أبا الفضل أساء السيرة وقب على جماعة من رجال الدولة وصادرهم ،
ومنهم يعقوب بن كلس وهو يهودي أعتنق الإسلام ،فاستطاع الفرار إلى المغرب حيث
دعا الخليفة المعز الفاطمي لغزو مصر .وكان أن أرسل الخليفة المعز قائده جوهر لغزو
مصر سنة 358هـ 969 -م مما أدى إلى سقوط الدولة الإخشيدية .
ويروي المؤرخ أبى الفداء أن الإخشيد قبل سفره في آخر رحلة له إلى الشام وجد
بداره رقعة قد كتب عليها قدرتم فأسأتم ،وملكتم فبخلتم ووسع عليكم فضيقتم ،
وأدرت لكم الأرزاق فقنطتم أرزاق العباد .وإيتررتم بصفو أيامكم ،ولم تفكروا في
عواقبكم ،واشتغلتم بالشهوات وايتنام اللذات وتهاونتم بسهام الأسحار وهي صائبات
،ولاسيما إن خرجت من قلوب قرحتموها ،وأكباد أجعتموها ،وأجساد عريتموها .ولو
تأملتم في هذا حق التأمل لانتبهتم .أو ما علمتم أن الدنيا لو بقيت للعاقل ما وصل إليها
الجاهل ،ولو دامت لمن مضى لما نالها من بقي .فكفي بصخبة ملك يكون في زوال
ملكه فرح للعالم .ومن المحال أن يموت المنتظرون كلهم حتى لا يبقى منهم أحد ويبقى
69